فقوله:{يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ}. أَمْر مِنَ الله تعالى عِباده المؤمنين بالهجرة عند فساد البلاد إلى حيث إقامة الدين.
قال سعيد بن جبير:(إذا عُمِلَ فيها بالمعاصي، فأخرج منها). أو قال:(اهربوا فإن أرضي واسعة). وعن عطاء قال:(إذا أُمِرْتم بالمعاصي فاهرُبوا، فإن أرضِي واسعة).
وقال:({إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ}: مجانبة أهل المعاصي). قال مجاهد:(فهاجروا وجاهدوا).
وقوله:{فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}. أي: فأخلصوا العبادة لله ولا تطيعوا في معصيته أحدًا.
الحديث الأول: أخرج الحاكم والبيهقي بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:[أتعلم؟ أولُ زمرة تدخل الجنة من أمتي فقراء المهاجرين، يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون، فيقول لهم الخزنة: أو قد حوسبتم؟ قالوا: بأي شيء نحاسب، وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك؟ فيفتح لهم، فيقيلون فيها أربعين عامًا، قبل أن يدخلها الناس](١).
الحديث الثاني: أخرج الطحاوي في "مشكل الآثار"، وأحمد في المسند بسند صحيح عن جنادة بن أبي أمية: [أنّ رجالًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بعضهم لبعض: إنَّ الهجرة قد انقطعت، فاختلفوا في ذلك، قال: فانطلَقْتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله إن أناسًا يقولون: إن الهجرة قد انقطعت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن
(١) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (٢/ ٧٠)، وهو صحيح على شرط مسلم. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة -حديث رقم- (٨٣٣).