للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالكوز مُجَخِّيًا، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر مُنكرًا، إلا ما أشرب من هواه] (١).

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}.

يقرر تعالى في آخر تلك الآيات أن سلطان السماوات والأرض وملكهما بيده، وقلوب عباده بيده، وحياتهم وموتهم ومعاشهم وأرزاقهم بيده، يحيي من شاء منهم ويميت من شاء، ويهدي من شاء منهم ويضل من شاء، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولا نصير ولا مُجير من عذاب الله إلا أمره تعالى ورضاه.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [قال الله عز وجل: يَسُبُّ ابْنُ آدمَ الدَّهْرَ، وأنا الدَّهْرُ، بيدي الليلُ والنهار] (٢).

وفي رواية: [يؤذيني ابن آدم، يسُبُّ الدهر، وأنا الدَّهْر، أقلب الليل والنّهار].

وفي رواية: [قال الله تبارك وتعالى: يؤذيني ابنُ آدم، يقول: يا خيبةَ الدَّهر! فلا يقولَنَّ أحدُكم: يا خيبة الدَّهر! فإني أنا الدَّهْر، أُقَلِّبُ ليله ونهارَهُ، فإذا شئتُ قبضتُهما].

١١٧. قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١١٧)}.

في هذه الآية: يخبر تعالى أنه أعان نبيّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين ديارَهم وعشيرتهم إلى دار الإسلام، وأنصار رسوله عليه الصلاة والسلام، على طاعته وامتثال أمره في الغزو ساعة العسرة منهم من النفقة والظَّهر والزاد والماء، من بعد ما كاد يضعف بعضهم وتميل قلوبهم عن الصدق والحق, ثم رزقهم سبحانه الإنابة والرجوع إلى الثبات واليقين في الإيمان والدين، إنه تعالى رؤوف بضعفهم رحيم بهم أن يهلكهم.


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١/ ٨٩ - ٩٠). وانظر مختصر صحيح مسلم (١٩٩٠)، ورواه أحمد وغيره، انظر صحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (٢٩٥٧).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٢٤٦) - كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها - باب النهي عن سب الدهر، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>