للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ}.

قال مجاهد: ({وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ}، قال: قريظة).

وقال ابن إسحاق: ({فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ}، هو من وراء ذلك).

وعن السدي: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ}، قال: بالأنصار).

وقال ابن جرير: ({وَبِالْمُؤْمِنِينَ}، يعني بالأنصار).

وقوله: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}.

قال السدي: ({وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}، قال: هؤلاء الأنصار، ألف بين قلوبهم من بعد حرب، فيما كان بينهم).

وقال ابن إسحاق: ({وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}، على الهدى الذي بعثك به إليهم، {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}، بدينه الذي جمعهم عليه، يعني الأوس والخزرج).

فالآية في الأنصار (١)، وما كان بينهم من حروب مستعرة في الجاهلية، بين الأوس والخزرج، وتسلسل من أعمال الثأر والانتقام والشر، ما تَوَقَّفَ بينهم إلا بنور الإيمان، وهداية الرحمن، على يد خير الأنام، محمد عليه الصلاة والسلام.

وفي التنزيل: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

أخرج الإمام أحمد وابن إسحاق بسند صحيح من حديث أبي سعيد الخدري - في قسمة غنائم حنين وَوَجْد بعض الأنصار في نفوسهم إذْ قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - للمتألفين من قريش وسائر العرب دونهم -: [فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام فيهم خطيبًا فحمد الله وأثنى


(١) وقيل: أراد التأليف بين المهاجرين والأنصار، والمعنى متقارب. وقيل: ينسحب ذلك على المتحابين في الله.
قال ابن عباس: (قرابةُ الرحم تُقْطَعُ، ومنَّةُ النعمة تُكْفَرُ، ولم يُرَ مثل تقارُبِ القلوب، يقول الله تعالى: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}) - رواه الحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>