للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصابت في طِيَلِها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حَسَنات، ولو أنها قَطَعَت طِيَلَها فاستَنَّتْ شرفًا أوْ شَرَفينِ كانت أرواثُها وآثارها حسناتٍ له، ولو أنها مَرَّت بِنَهْرٍ فَشربت منه ولم يُرِدْ أن يَسقِيَها كان ذلك حسناتٍ له، وأما الرجل الذي هي عليه وِزْرٌ فهو رَجُلٌ رَبَطَهَا فخْرًا ورياءً ونِواءً لأهل الإسلام فهيَ وِزْرٌ على ذلك] (١).

وقوله: {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ}.

قال مجاهد: (من بني قريظة). وقال السدي: (هؤلاء أهل فارس).

وقال ابن زيد: (هؤلاء المنافقون، لا تعلمونهم لأنهم معكم، يقولون لا إله إلا الله، ويغزون معكم).

وقيل: هم قوم من الجن، وإن صهيل الخيل يرهب الجن، وأن الجن لا تقرب دارًا فيها فرس.

واختار ابن كثير قول ابن زيد أنهم المنافقون.

قال: (وهذا أشبهُ الأقوال، ويشهد له قوله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة: ١٠١]).

قلت: وهذا تفسير قوي يناسب السياق والنصوص.

وقوله: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}.

قال ابن إسحاق: (أي: لا يضيع لكم عند الله أجرُهُ في الآخرة، وعاجل خَلَفه في الدنيا).

أي: كل ما أنفقتم في سبيل الله - في الجهاد وأسباب القوة والتمكين - فإنه ينالكم أجره على التمام والكمال، ويضاعف الله الأجر أضعافًا مضاعفة لمن يشاء.

أخرج الترمذي بسند صحيح عن خريم بن فاتك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [من أنْفَقَ نَفَقَةً في سبيل الله كُتِبَتْ له سَبْعُ مئة ضِعف] (٢).


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٨٦٠) - كتاب الجهاد والسير -، وأخرجه مسلم (٩٨٧)، والنسائي (٦/ ٢١٦ - ٢١٧)، ومالك (٢/ ٤٤٤)، وابن حبان (٤٦٧٢)، والبيهقي (٤/ ١١٩).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (١٦٩١) - في أبواب فضائل الجهاد - باب ما جاء في فضل النفقة في سبيل الله عز وجل، وانظر صحيح سنن الترمذي (١٣٢٦)، وصحيح الجامع (٥٩٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>