قلت: وقوله: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}. يعني حتى يحتلم، كما ذكر الإمام مالك والشعبي وغير واحد من السلف، والأقوال الأخرى بعيدة.
أخرج الطبراني في "المعجم الكبير" بسند حسن عن عبد الله بن عمرو قال: [صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر فقال: لا أقسم، لا أقسم، لا أقسم. ثم نزل فقال: أَبْشِروا، أَبْشِروا، إنه من صلَّى الصلوات الخَمْسَ، واجتنَبَ الكبائر، دخَلَ من أي أبواب الجنة شاء: عقوقَ الوالدين، والشرك بالله، وقَتْلَ النَّفْسِ، وقَذْفَ المُحْصَنات، وأَكْلَ مالِ اليتيمِ، والفِرارَ من الزَّحفِ، وأكلَ الربا](١).
أمر بالوفاء في المكيال والميزان وإقامة العدل في الأخذ والإعطاء. وقد عاب الله سبحانه على مَدْين - قوم شعيب - لعبهم بالكيل والميزان، وانتشار هذه الصفة الذميمة بينهم حتى دَمَّرهم العذاب فيما دَمَّرهم.
وقال في سورة هود: {وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥)}.
وتوعّد الله هذه الأمة إن سلكت سبيل مَنْ قبلها في ذلك الخلق المشين فقال جل ذكره: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: ١ - ٦].
(١) حديث حسن. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٣/ ٨ - ٩/ ٣)، من طرق، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٣٤٥١) - قال الألباني: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى.