للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَكِنْ تُسَنُّ رَجْعَتُهَا) إن كان الطلاق رجعيًّا؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق، وليزول المعنى الذي حرم الطلاق لأجله.

فإن راجعها؛ وجب إمساكها حتى تطهر، فإذا طهرت سن إمساكها حتى تحيض ثانية ثم تطهر؛ لحديث ابن عمر السابق: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقُ بَعْدُ، أَوْ يُمْسِكُ».

واختار شيخ الإسلام وابن القيم، والسعدي وابن عثيمين: أنه محرم، ولا يقع طلاقاً؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» [مسلم ١٧١٨]، فالطلاق الشرعي هو المأذون فيه دون غيره، ولحديث أبي الزبير: قال ابن عمر رضي الله عنهما: «فَرَدَّهَا عَلَيَّ، وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا» [أحمد ٥٥٢٤، وأبو داود ٢١٨٥]، وقال ابن عمر رضي الله عنهما في الرجل يطلق امرأته وهي حائض: «لَا يَعْتَدَّ لِذَلِكَ» [ابن حزم في المحلى ٩/ ٣٧٥، وصححه ابن القيم]، قال ابن القيم: (ولأنه لو وكَّل وكيلًا أن يطلق امرأته طلاقًا جائزًا، فطلق طلاقًا محرمًا لم يقع؛ لأنه غير مأذون له فيه، فكيف كان إذن المخلوق معتبرًا في صحة إيقاع الطلاق دون إذن الشارع).

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا»، فإن المراجعة قد وقعت في كلام الله ورسوله على معان، منها:

١ - ابتداء النكاح، كقوله تعالى: {فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله} [البقرة: ٢٣٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>