الأول:(تُسَنُّ كِتَابَةُ مَنْ عَلِمَ فِيهِ خَيْراً)؛ لقوله تعالى:{فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا}[النور: ٣٣]، (وَهُوَ) أي: الخير: (الكَسْبُ وَالأَمَانَةُ)، والآية محمولة على الندب؛ لحديث أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ»[الدارقطني ٢٨٨٦]، ولأنه دعاء إلى إزالة ملكه بعوض، فلم يجبر السيد عليه؛ كالبيع.
وعنه: تجب، إذا ابتغاها من سيده أجبر عليها بقيمته؛ لظاهر الآية، لأن الأصل في الأمر الوجوب، وعن قتادة قال:«سَأَلَ سِيرِينُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْكِتَابَةَ، فَأَبَى أَنَسٌ، فَرَفَعَ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ الدِّرَّةَ، وَتَلَا:{فَكَاتِبُوهُمْ}، فَكَاتَبَهُ أَنَسٌ»[عبدالرزاق ١٥٥٧٧]، ولأن الشارع يتشوف إلى تكثير الأحرار، قال ابن عثيمين:(وهذا القول قوي جدًّا، بشرط أن نعلم فيه خيراً).
(وَ) الثاني: (تُكْرَهُ) الكتابة (لِمَنْ لَا كَسْبَ لَهُ)؛ لئلا يصير كَلًّا على الناس ويحتاج إلى السؤال.
وعنه: لا تكره؛ لأن بَرِيرَةَ كاتبت ولا حرفة لها، فلم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن قدامة: (وينبغي أن ينظر في المكاتب؛ فإن كان ممن يتضرر