للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أطنب المرزوقي في صفات الناقد الذي يُقبلُ نقدُه، وجعله كالحاكم المصيب حكمُه. وقد قال بعضُ الشعراء:

يَا أَبَا جَعْفَرٍ أَتَحْكُمُ فِي الشِّعْـ ... ـرِ وَمَا فِيكَ آلَةُ الحُكَّامِ

إِنَّ نَقْدَ الدِّينَارِ إِلَّا عَلَى الصَّيْـ ... ـرَفِ صَعْبٌ فَكَيْفَ نَقْدُ الكَلَامِ

ومراد المؤلف بـ "البديع" المعنى المبتَدع، وقد تقدم. و"المعارض" جمع مِعرض كمنبر، وهو الثوبُ للجارية، وقد تقدم بيانُه، وأراد بها الألفاظَ التي هي للمعاني كالمعارض للجواري. و"الاعتساف" المشيُ في الرمل. و"الابتحاث" المبالغة في البحث. و"النَّصَفة" - بالتحريك - اسم الإنصاف. و"المَعْدِلة"، بفتح الميم وكسر الدال، العدل.

"واعلَمْ أنه قد يعرِف الجيِّدَ مَنْ يجهل الرديء. والواجبُ أن تَعرِف المقابحَ المتَسخَّطة، كلما عَرَفتَ المحاسنَ المرتضاة" (١)،

هذا شروعٌ في التنبيه على علل اختلال الشعر وصفات رديئه، بعد أن انتهى من بيان أسباب الجودة والاختيار. وأراد بقوله: "قد يعرف الجيد من يجهل الرديء"، أنه قد يتمحَّضُ بعضُ الأدباء للانكباب على مطالعة المختارات والدواوين المشهود لها بالإجادة، ولا يشتغل بتتبع ساقط الأشعار؛ لأن في طباع الناس اتباعَ الكمال ومحبةَ العكوف على الحسن، إرضاءً لميل النفس إلى محاسن الأشياء وجمالها، فيبقى غيرَ عالمٍ بالرديء. وبتطاول الإعراض عن تتبع الرديء، يضعُف انتباهُه إلى علل السقوط وأسباب الرداءة.


= ينتهي إليه التخليص وتحيط به العبارة. ويبقى ما لا يمكن إخراجُه إلى البيان ولا إظهاره إلى الاحتجاج، وهو علة ما لا يُعرف إلا بالدربة ودائم التجربة وطول الملابسة. وبهذا يفضل أهلُ الحذاقة بكل علم وصناعة من سواهم ممن نقصت قريحته وقلة دربته". الموازنة، ج ١، ص ٤١٠ - ٤١١.
(١) نشرة هارون، ج ١، ص ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>