للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إدراكُ حُسْنِ الاستعارة كإدراك قربِ التشبيه، ولذلك جعل ملاكَ أمرها قربَ التشبيه. وملاك الشيء - بفتح الميم وكسرها - قوامُه الذي يملك به، أي ما يملك به حسنُ الاستعارة ويحقق، وهو تقريب التشبيه. و"تقريب التشبيه" تقدم. وقوله "لأنه المنقولُ عما كان له في الوضع" إلخ، تعليلٌ لـ "يكتفى منه"، أي لأنه ادعى أن المشبَّهَ من أفراد المشبه به، فنقل اسمَ المشبه به إلى المشبه وأطلق عليه مع عدم ذكر حرف التشبيه؛ لأن الاستعارة مبنيةٌ على تناسي التشبيه.

"وعيارُ مشاكلة اللفظ للمعنى وشدة اقتضائهما للقافية، طولُ الدربة ودوام المدارسة، فإذا حكما بحسن التباس بعضهما ببعض، لا جفاءَ في خلالها ولا نُبُوَّ، ولا زيادة فيه ولا قصور، وكان اللفظُ مقسومًا على رتب المعاني، قد جُعِل الأخصُّ للأخص، والأخسُّ للأخس، فهو البريء من العيب" (١)،

أحال المؤلفُ في هذا على طول الدربة ودوام المدارسة، أي مدارسة أهل الفنِّ في مختلف الشعر من نقد واختيار. وهذا من الحوالة على الذوق، وقد قدمناه. وقوله: "لا جفاء في خلالها"، هو بالجيم في أوله، والجفاء التباعد وعدم الملاءمة، وهو مقابل قوله: "بحسن التباس بعضها ببعض". ووقع في بعض النسخ "لا خفاء"، بالخاء المعجمة من فوق، ولا موقع له في هذا المقام. و"الخلال" بكسر الخاء المعجمة: الخلة والود، أي لا تنافرَ ولا تبعدَ في تناسب بعضها لبعض.

والمراد بـ "الأخص" الكامل، كأنه جُعل من الخاصة، أي أصحاب الكمال، ولذلك قابله بالأخس.

"وأما القافية فيجب أن تكون كالموعود به المنتظر، يتشوَّقها المعنى بحقه واللفظ بقسطه، وإلا كانت قلقةً في مقرها، مُجتلَبةً لمستغنٍ عنها" (٢)،


(١) المصدر نفسه، ص ١١.
(٢) المصدر نفسه، ص ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>