للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما قال رؤبة لابنه عقبة، وقد عرض عليه شيئًا مما قاله، فقال: قد قلت لو كان له قران" (١)،

في إحدى نسختَيْ تونس ضُبِط بفتحة على نون يكون، فتعين أن تكون (ألا يكون. . .)، فتعين أن تكون همزةُ "ألا" مفتوحة، وهي "أَنْ" المصدرية أُدغِمت في لا النافية، وهو عطف على قوله: "أن تكون" من قوله: "يوشك أن تكون". وأما ضبطُه بهمزةٍ في أسفل الألف فيقتضي أن يُجزم "يكن". وهذا البيت نسبه الجاحظ في "البيان" لأبي البيداء الرياحي، واسم أبي البيداء أسعد (٢)، ترجمه ياقوت في "معجم الأدباء". و"يَكُدُّ" في بيت خلف بالدال المهملة، والكد شدة الطلب، وفعلُ كدَّ يكون قاصرًا، ويكون متعديًا إلى المفعول، وهو الوارد في هذا البيت، أي يجعل لسان الناطق في كد، أي شدة عمل، كنايةً عن الإتعاب.

والمراد بـ "المتحفِّظ" المتحفظ من الخطأ، فهو يُكلِّف لسانه النطقَ بالبيت على وجه الصواب، يعني: وأما الناطق الذي لا يبالي بالخطأ، فينطق به كيفما اتفق للسانه. و"العَلَّة" - بفتح العين - ضرة المرأة، وأولادُ العلة الأخوة للأب، وشاع أن يكون بينهم جفوةٌ لأجل جفاء الأمهات. ويُضرب مثلًا للأشياء المتقاربة غير المتناسبة، كما في هذا البيت. وقد يُستعار باعتبار آخر للأمور المتماثلة في الجملة، مع اختلاف قليل، كما في الحديث: "الأنبياء كأبناء علات، أبوهم واحد وأمهاتهم متعددة". (٣)


(١) نشرة هارون، ج ١، ص ١٠.
(٢) البيان والتبيين، ج ١/ ١، ص ٥٤؛ القيرواني: العمدة، ج ١، ص ٢٥٩. وأبو البيداء هو أسعد بن عصمة الرياحي. قال ياقوت: "أعرابي نزل البصرة، وكان يُعلِّم الصبيانَ بالأجرة، وأقام بها أيام عمره يُؤخذ عنه العلم. . . وكان شاعرًا"، ومن شعره:
قَالَ فِيهَا البَلِيغُ مَا قَالَ ذُو العِـ ... ـيِّ وَكُلٌّ بِوَصْفِهَا مِنْطِيقُ
وَكَذَلِكَ العَدُوُّ لَمْ يَعْدُ أَنْ قَا ... لَ جِمِيلًا كَمَا يَقُولُ الصَّدِيقُ
الحموي: معجم الأدباء، ج ٢، ص ٦٣٠.
(٣) أصل الحديث كما رواه أبو هريرة: "أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولادُ عَلات، ليس بيني وبينه نبي"، وفي رواية أخرى: "أنا أولى الناس بابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة =

<<  <  ج: ص:  >  >>