للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ريح على شكل عمودي حدث هذا ونحن في منتصف النهار فتكون منها غمامة أظلتنا بظلها البارد وأخيرًا هطلت علينا أمطار على شكل المطر المألوف بل كانت تنزل على شكل خرير الأنهار فشربنا ودبت الحياة في أجسامنا وسري نسيم الأمل في قلوبنا أجل فلقد حيينا بعد موت وقمنا بتعبية القرب الثمان واسقينا راحلتينا واغتسلنا وعدنا بسرعة لنقدم الإسعافات لصحبنا ولا نكون مبالغين أن قلنا لنقدم الحياة إلى إخواننا المسافرين.

وشيء يدعو للاستغراب ذلك أن الغمامة لم تتعد بضعة أمتار فقط وحينما وصلنا إلى أصحابنا كلنا فرح وبشر حيث كنا نحمل لهم الحياة نحمل لهم الماء إذا هم قد عاشوا نفس المشكلة جملة وتفصيلًا وقد ساق الله لهم غمامة مثل الغمامة التي قد أظلتنا وروتنا فأعادت إليهم أرواحهم وأرجعت إلى بعض منهم رشدهم (١).

وقد حدثني سليمان العيد بهذه القصة بتفصيل أكثر فقال:

أخذ عبد الله السمحان إبلًا من بريدة وسافر بها إلى الكويت وحملها بضائع، ولما تعدى الرقعي قادمًا إلى بريدة فقد ناقة عليها حمل قهوة فقال للراعي إرجع ودوِّرها ربما تكون واردة على الجهراء

قال: فرجع الراعي إلى جهة الكويت وتركهم وتأخر الراعي فنفد ماؤهم وصار ابنه إبراهيم وهو صغير يبكي من العطش وهو مثله فتوجه عبد الله السمحان إلى الله بالدعاء، فأنشأ الله سحابة أمطرتهم فشرب هو وابنه وملأ القرب، ثم سقي اباعره، وكانت عطشي أيضًا.

ثم عاد الراعي بالناقة المفقودة وجدها واردة على الجهراء تبي الماء.

أقول: بالنسبة إلى (إبراهيم بن عبد الله السمحان) الذي ذكره أبو طامي كان يلعب معنا في الشارع ونحن أطفال، وكان أسن منا غير أن والده صار يأخذه


(١) نزهة النفس الأديبة لأبو طامي (الجزء الثاني)، ص ١١٥ - ١١٧.