للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عز وجل: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} (حرام) مبتدأ، وجاز الابتداء به وإن كان نكرة، لاختصاصه بما طال بعده من الكلام، وفي خبره وجهان:

أحدهما: أن مع اسمها وخبرها، و {لَا} صلة، والمعنى: وحرام على أهل قرية حكمنا بإهلاكهم أن يرجعوا إلى الدنيا، أو إلى قريتهم فيستأنفوا العمل ويتلافوا ما فرط منهم، كقوله: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} (١) وأصل الحرام المنع، أي: ممتنع رجوعهم إليها. وقيل: {لَا} ليست بصلة، والحرام: العزم، والمعنى: عزم عليهم، وواجب ترك الرجوع إليها بعد الإهلاك، يعني أنهم إذا أهلكوا، فواجب ألا يرجعوا، أو: ممنوعون من ذلك، و {لَا} على هذين التأويلين ليست مزيدة. وقيل: المعنى: وحرام على أهل قرية أردنا إهلاكهم ألا يرجعوا بالتوبة. و {لَا} على هذا الوجه أيضًا ليست زائدة (٢).

والثاني: أن قوله: {أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} في صلة المصدر الذي هو المبتدأ، والخبر محذوف، أي: وحرام على قرية أهلكناها بأنهم لا يرجعون مَقْضِي، أو ثابت، أو محكوم عليه، ونحو هذا.

وقيل: {حَرَامٌ} خبر مبتدإٍ محذوف (٣)، أي: ذلك الذي ذكرنا من العمل الصالح والسعي المشكور غير المكفور حرام على أهل قرية من صفتهم كيت وكيت. أو بالعكس، أي: وحرام على قرية أهلكناها ذاك وهو المذكور آنفًا من العمل الصالح والسعي المشكور، تعضد هذين الوجهين قراءة


(١) سورة يس، الآية: ٥٠.
(٢) انظر في كون (لا) صلة (زائدة) أو غير زائدة: جامع البيان ١٧/ ٨٦ - ٨٧. وإعراب النحاس ٢/ ٣٨٢. والحجة ٥/ ٢١١. والبيان ٢/ ١٦٥. والتبيان ٢/ ٩٢٧. واقتصر الزجاج ٣/ ٤٠٥ على الثاني.
(٣) جوزه أبو علي في الحجة الموضع السابق. وانظر التبيان ٢/ ٩٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>