للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَخُورٌ}: على الناس بما إذاقه الله من نعمائه، قد شغله الفرح والفخر عن الشكر، والفَرَحُ إذا كان بمعنى البطر فهو مذموم.

{فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢)} [هود: ١٢]:

قوله عز وجل: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} (بعض) نصب بـ {تَارِكٌ}، و (ضائق) عطف على {تَارِكٌ}. وصُرف عن ضيق إلى ضائق لوجهين:

أحدهما: ليدل على أنه ضِيق عارض غير لازم؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أفسح الناس صدرًا (١).

والثاني: ليشاكل تاركًا، إذ التشاكل في كلام القوم مطلوب (٢).

و{صَدْرُكَ} مرفوع بـ (ضائق)؛ لأنه قد اعتمد على ما قبله، وقيل: {صَدْرُكَ} مرفوع بالابتداء و (ضائق) خبره (٣).

والضمير في {بِهِ} للبعض، أو لـ {مَا}، أو للتبليغ، أو للتكذيب (٤)، أي: ضائق صدرك بتكذيبهم إياك، ويدل عليه ما بعده.

وقيل: هو مضمر (٥) مجهول يفسره ما بعده، والتقدير على هذا التقدير: وضائق صدرك بأن يقولوا: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ}. وعلى الأوجه المذكورة مفعول له، والمعنى: لعلك تترك أن تلقيه إليهم وتبلغه إياهم


(١) هذا الوجه لصاحب الكشاف ٢/ ٢٠٩. وحكاه الرازي ١٧/ ١٥٥ عن الواحدي.
(٢) انظر هذا الوجه في المحرر الوجيز ٩/ ١١٤. والقرطبي ٩/ ١٢.
(٣) قاله العكبري ٢/ ٦٩١.
(٤) الأوجه الأربعة في القرطبي ٩/ ١٢. والنص فيه بعض التشويش.
(٥) في (أ) و (ط): ضمير.

<<  <  ج: ص:  >  >>