للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} (حتى) غاية لكذبوا ومعمولة له، أي: ما برح بهم التكذيب إلى أن ظهرت الساعة، والمعنى: منتهى تكذيبهم الحسرة، ولا يجوز أن تكون غاية لـ {خَسِرَ}؛ لأن خسرانهم لا غاية له.

والبغتة: الفجأة، يقال: بَغَتَهُ، أي: فاجأه، وهو ورود الشيء على صاحبه من غير علمه بوقته. وانتصابها إمَّا على الحال، بمعنى: أتتهم باغتة، كقولك: أتيته مشيًا، أي: ماشيًا، أو على المصدر، وفيه وجهان:

أحدهما: مصدر لجاءتهم حملًا على المعنى، كأنه قيل: بغتتهم الساعة بغته.

والثاني: مصدر لفعل محذوف، أي: تبغتهم بغتة.

و{قَالُوا}: جواب {إِذَا}.

وقوله: {يَاحَسْرَتَنَا} نداء الحسرة وشبهها مما لا يعقل مجاز واتساع، وتنبيه على أنهم وقعوا في خطب عظيم.

قال صاحب الكتاب رحمه الله: إذا قلتَ: يا عجباه، فكأنك قلتَ: احضر وتعال يا عجب فإنه من أزمانك (١)، وكذلك هنا كأنه قيل: يا حسرة احضري فهذا من إِبّانكِ وأوقاتك، والمعنى: انتبهوا لخسراننا. و {عَلَى} متعلقة بالحسرة.

وقوله: {مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} (ما) مصدرية، أي: على تفريطنا فيها، والتفريط: التقصير.

واختلف في الضمير في {فِيهَا}، فقيل: للحياة الدنيا (٢)، وإنما جيء


(١) هكذا حكاه عنه الزجاج ٢/ ٢٤١، والنحاس في معانيه ٢/ ٤١٥ - ٤١٦. وانظر سيبويه ٣/ ٢١٧.
(٢) قاله الزمخشري ٢/ ١٠، وابن عطية ٦/ ٣٦. ونسبه ابن الجوزي ٣/ ٢٥ إلى مقاتل. وذكره الرازي ١٢/ ١٦٤ عن ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>