لأَمْرِ اللهِ ومخالفتها نهيه، مُوقِنًا أنّهُ القَادِرُ الصَّالِحُ شأنَهُ والمالِكُ توفيقَهُ وتسديدَهُ، ولا يفارِقُ ذَلِكَ على ما فيه من حَسَنٍ أو قبيحٍ، ولا ييأسُ من رحمةِ الله تعالى بل يرجو رحمتَهُ ويخافُ عذابَهُ ويتذكَّرُ نعمتَهُ ويشكُرُ فَضْلَهُ عليه بتوفيقه للأعمال بفرائضِهِ وَتَرْكِ ما يَكرَهُ فعله، وَيَتَقَرَّبُ إِليه بما يَسّرَهُ له من نوافلِ الخَيْرِ، ويعلمُ أنَّه ضعيفٌ عاجز لا يقدِرُ على شيءٍ إلَّا ما قدرَهُ اللةُ ويسَّرَهُ عليه.
وليستعن بِذِكْرِ المَوْتِ وما بعده على تَرْكِ المعاصِي والزَّلاتِ، وعلى المُلازَمَةِ على فِعْلِ الخَيْراتِ والمُسَارَعَةِ إلى الطَاعاتِ، وليعرف قَدْر نِعْمَةِ اللهِ بإمهالِهِ إيَّاهُ مع مبارزتِهِ له بالمعاصي، وكم أَخَذَ غيرَهُ بذنبِهِ عاجِلًا قبل أن يُؤْخَذَ بالنَّواصِي.
وليُفكِّر العاقِلُ في سالِفِ ذنبه وعاقبةِ أَمْرِهِ، ولعله لم يبق شيءٌ من أجله، فيتداركَ أمرَهُ بالتَّوبة النَّصُوحِ، ويُخَلِّصُ ذمتَهُ الخلاصَ التَّامِّ من حُقُوقِ الله سبحانه وحُقُوق العِباد، فيقضِي ما تركَهُ من العبادات من صلاةٍ وزكاةٍ ونَذْرٍ وغير ذلك من حقوق اللهِ الواجبة، ويُوفي ما عليه من الدُّيون والغُصوب والسَّرِقَةِ والأَمانات وغير ذلك من حقوقِ الآدميِّ المبينةِ على المشاحَّةِ، وينتظر الموت بصدقٍ ويقينٍ، ولا يتَهاون في الوصية كُلَّ ليلةٍ إن كان من الموقنين، فيكونَ في الدُّنيا إن كان عاملًا كَيِّسًا كأنَّهُ غريبٌ أو عابِرُ سبيل، وليعُدَّ نفسه من أهْلِ القُبورِ.