فَليُجِلَّ كِتَابِ الله أن يتلُوَهُ إلَّا بسكينةٍ ووقارٍ، وترتيلٍ في الجَهْرِ والإسْرارِ، مع حضورِ قَلْبٍ وخشوعٍ وَتَذَلُلٍ وخضوعٍ، وهِمَّةٍ قويَّةٍ ونِيَّةٍ سَوِيَّةٍ، وطويَّةٍ صحيحةٍ، وعزيمَةٍ ربيحَةٍ، مع حُزْنٍ وَتَدَبُّرٍ وَفَهْمٍ وَتَفَكُّرٍ، وبما يوقِنُ التّالي أن الله يرضى به ويثيب عليه وْيُقَرِّبُ مِنْهُ ويُزلفُ لديه، ويلطفُ به ويرحمُهُ بين يديه.
واعلم أن من الفرائِضِ المُؤَكَّدَةِ والواجبات المحتَّمةِ الأَمرَ بالمعروفِ والنَّهي عن المنكر على كل من بُسطت يده في الأَرض وعلى كل من تصل يده إلى ذلك، فمن عجز بِيَدِهِ فبلسانِهِ وَقَلْبِهِ، فإن لم يقدر بِلسَانِهِ فبقلبِهِ وذلك أَضْعَفُ الإيمانِ.
وَفَرْضٌ على كُلِّ مُؤمِنٍ أن يريد بِكُلِّ قَوْلٍ وعَمَلٍ وَنِيَّهٍ وجهَ الله سبحانه وتعالى، ومن أراد بشيء غير وجه الله لم يقبل منه؛ لأَنَّه رياء وتعالى الله أن يقبل عملًا أُشرِك به غيرُه؛ إذ الرياء هو الشِّرْكُ الأَصغر.
واعلم أن التَّوْبة فريضة من كُل ذَنْبٍ على الفَوْرِ من غَيْرِ إصرارٍ. والإصرار: المَقَامُ على الذَّنْبِ واعتقادِ العَوْدِ إليه أو إِلى مثله. ولا صَغيرةَ مع الإصرارِ ولا كبيرة مع الاستغفارِ.
وَفَرْضٌ على كُلِّ إنسانٍ أن يجتهدَ غايَةَ الاجتهادِ في رَدِّ المظالِم إلى أهلها قَلّت أو جَلَّت، فإن توبتَهُ منها لا تَصِحُّ إلَّا بِرَدِّها ولو كانت مثقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ، فإن الله القادِرُ على كل شيءٍ يأتي بها، فَلْيَسْعَ العاقِلُ في خلاصِ نَفْسِهِ من حقوقِ العِباد وتفريغِهَا قبل أن لا يقدر