للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول المصنف: "فلا خلاف في المعنى"، قد علمت أنَّه يمكن تمشيته، ويمكن التوقف فيه؛ لظهور معنيين يمكن أنْ يذْهب إلى كل منهما ذاهب.

والأوفق بقواعد المعتزلة الأول، وهو تعلق الوجوب بالقدر المشترك لا غير، حتى يكون هو الموصوف بالحُسْن، وبقواعدنا يصح ذلك وغيره، وهو الأقرب إلى كلام الفقهاء، وهو المختار، وإن لم يكن بين المعنيَيْن تباعد، لكن يظهر أثره في أمور: منها: أَنَّه (١) إذا فَعَل خصلة يُقال على ما اخترناه (٢): إنها الواجب، وأما على المعنى الآخر فينبغي أن يقال: إن الواجب تَأَدَّى بها، لا أنها هي الواجب (٣).

وقوله: "قيل: الواجب معيَّن عند الله دون الناس" (٤)، (هو قولٌ


= الشارح حتى لا يلتبس قوله: "فإن الثابت فيه الأول لا غير"، بالاحتمالين اللذين ذكرهما قبله، فلا يريد بقوله "الأول لا غير" الاحتمال الأول، بل يريد ما ذكرته؛ لأَنه قال قبل ذلك: "وإذا دققنا البحث وقررنا ما قدمناه من الفرق بين أنْ يراد مع القدر المشترك الخصوصيات أوْلا". فالأول: هو القدر المشترك، والثاني هو الخصوصيات، ومَنْ فهم ما سبق من كلامه مع التعليق - وضح له هذا المعنى تمامًا، ويدل على ما قلت أَنَّه لم يجعل إعتاق رقبة من الواجب المخير؛ لأنَّ الوجوب متعلق بالماهية لا الأفراد، كما سبق ذكره، والله تعالى أعلم بالصواب.
(١) سقطت من (ت).
(٢) وهو أنّ كل خصلة واجبة على تقدير ألا يفعل غيرها.
(٣) أي: على المعنى الثاني - وهو الأوفق بقواعد المعتزلة - أنَّ الوجوب متعلِّق بالقدر المشترك لا غير، فتكون الخصلة قد تأدى بها الواجب: وهو القدر المشترك، لا أنها هي الواجب.
(٤) قال الإسنوي: "وهذا القول يُسَمَّى قولَ التراجم؛ لأنَّ الأشاعرة يروُونه عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>