لا بد أن يكون له فاعل حقيقة لامتناع صدور الفعل لا عن فاعل فهو إن كان ما أسند إليه الفعل فلا مجاز، ...
===
لا وجود له، فلا فاعل لها حقيقى، وتستعمل لازمة ومعناها- وهو السرور والقدوم والازدياد- أمر موجود فلها فاعل حقيقى، وإذا ذكرت تلك الأفعال المتعدية كان قصد المتكلم بها معانى الأفعال اللازمة، فإن قيل حيث كان معنى المتعدى غير موجود، وإن المقصود منه معنى اللازم لزم أن يكون سرتنى ونحوه من الأفعال المذكورة مجازا لغويا للتجوز بها عن معنى الفعل اللازم ولا مجاز هنا فى الإسناد، بل فى الأطراف، فالجواب أن مجازية الأطراف لا تنافى مجازية الإسناد، ألا ترى ما مر من أحيا الأرض شباب الزمان، قال سم: فإن قلت: كيف يصح القول بانتفاء المتعدى مع أنه متحقق قطعا، فإنا نعلم تحقق الأسرار وغيره من تلك الأفعال المتعدية فى الوجود؟ فالجواب أن المراد أن المتكلم بهذه الأفعال المتعدية لم يقصد معناها والإخبار عنها، وإن كان محققا فى الواقع إلا على سبيل التخييل والإيهام، وما كان على سبيل التخييل لا يحتاج إلى فاعل، فالحكم بانتفاء معنى المتعدى بالنظر للمقصود من الكلام لا بالنظر للواقع. اهـ.
ومراده بتحققها فى الوجود الوجود الذهنى، وكذا تحققها فى الواقع لا الوجود فى خارج الأعيان؛ لأنها أمور اعتبارية لا تحقق لها فيه
(قوله: لا بد أن يكون له فاعل) أى: موجد، وفيه أن هذا يسلمه الشيخ وليس مراده نفيه، بل مراده بقوله لا يجب فى المجاز العقلى أن يكون للفعل فاعل نفى الفاعل الذى قام به الفعل وهو الفاعل الحقيقى بالوجه المذكور الذى ينقل الإسناد عنه إلى الفاعل المجازى، ومحصله نفى لزوم الحقيقة للمجاز، وليس مراده نفى الفاعل الموجد، إذ لا يسع عاقلا أن ينفى الفاعل الموجد عن الفعل الموجود، قال العلامة ابن يعقوب وهذا الرد الذى ذكره الرازى إنما يتجه إن كان مراد الشيخ أن ثمّ أفعالا لا يتصف بها شىء على وجه الحقيقة، ولا يمكن فرض موصوف بها أصلا، وليس ذلك مراده، بل مراده أن نحو: سرتنى رؤيتك، وأقدمنى بلدك حق لى على فلان، ويزيدك وجهه حسنا، لا يقصد فى الاستعمال العرفى فيها فاعل الإقدام، ولا فاعل السرور المتعدى، ولا فاعل الزيادة المتعدية، ولذلك لم يوجد فى ذلك