وكذا: أقدمنى بلدك حق لى على فلان، بل الموجود هاهنا هو السرور والزيارة والقدوم، واعترض عليه الإمام فخر الدين الرازى- رحمه الله- بأن الفعل ...
===
(قوله: وكذا أقدمنى إلخ) أى: فإن الإقدام ليس له فاعل حقيقى وإسناد الإقدام فيه للحق مجاز عقلى، وتوجيه المجاز العقلى فى هذا التركيب على مذهب الشيخ أن يقال: إنه بولغ فى كون الحق له مدخل فى تحقق القدوم، ففرض إقدام صادر من فاعل متوهم، ثم نقل عنه، وأسند إلى الحق مبالغة فى ملابسته للقدوم، كما ينقل إسناد الفعل من الفاعل الحقيقى إلى الفاعل المجازى مبالغة فى ملابسة الفاعل المجازى للفعل، فالمجاز حينئذ فى الإسناد لا فى الفعل. فالفاعل الحقيقى ليس موجودا محققا فى الخارج، بل متوهم مفروض، ولا يعتد بإسناد الفاعل للفاعل المتوهم المفروض، وكذا يقال في:
سرتنى رؤيتك، ويزيدك وجهه حسنا، أنه بولغ فى كون الرؤية لها مدخل فى السرور، والوجه له مدخل فى زيادة العلم بالحسن ففرض سرور وازدياد صادران من فاعل متوهم، ثم نقلا عنه وأسند للفاعل المجازى وهو الوجه والرؤية للمبالغة فى ملابسة الفاعل المجازى للفعل، فقول الشيخ عبد القاهر: ليس لهذه الأفعال فاعل أى: محقق فى الخارج يعتد بإسنادها إليه. هذا وما ذكر من أن الإسناد في: أقدمنى بلدك حق لى على فلان من قبيل المجاز العقلى غير متعين بل يجوز أن يراد بالإقدام الحمل على القدوم على جهة المجاز المرسل، فيكون المعنى: حملنى على القدوم حق إلخ، ويصح أن يكون فى الكلام استعارة بالكناية بأن شبه الحق بمقدم تشبيها مضمرا فى النفس، وطوى ذكر المشبه به وهو المقدم ورمز له بذكر لازمه وهو الإقدام تخييلا، وعلى هذين الاحتمالين لا يكون فى الكلام مجاز عقلى- هذا ملخص ما فى القرمى والسيرامى.
(قوله: بل الموجود هاهنا هو السرور والزيادة والقدوم) أى: التى هى معانى الأفعال اللازمة يعنى: والكلام هنا فى فاعل الفعل المتعدى، لا فى فاعل الفعل اللازم، والفعل المتعدى غير موجود هنا حتى يكون له فاعل حقيقى، بل الموجود هو اللازم، فانتفاء الفاعل الحقيقى أعنى فاعل المتعدى لعدم وجود الفعل المتعدى، والحاصل أن تلك الأفعال المذكورة تستعمل متعدية، فمعناها وهو الإسرار والإقدام والزيادة أمر اعتبارى