للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: فما ربحوا فى تجارتهم، وإما خفية) لا تظهر إلا بعد نظر وتأمل (كما فى قولك: سرتنى رؤيتك؛ أى: سرنى الله عند رؤيتك، وقوله (١):

===

نحو: أنبت الربيع البقل، وقوله أو مفعول به نحو: ضرب عمرو، وقوله: إذا أسند إليه أفرد الضمير؛ لأن العطف بأو

(قوله: أى فما ربحوا فى تجارتهم) أى: فالتجارة لما كانت سببا للربح أسند إليها مجازا من باب الإسناد للسبب، والرابح حقيقة أربابها، وإنما كان الفاعل الحقيقى هنا ظاهر بسبب عرف الاستعمال؛ لأن عرف أهل اللغة إذا قصدوا الاستعمال الحقيقى أضافوا الربح للتجار لا للتجارة

(قوله: وإما خفية) أى: لكثرة الإسناد إلى الفاعل المجازى وترك الإسناد إلى الفاعل الحقيقى

(قوله: إلا بعد نظر) يحتمل وهو الأقرب أن المراد به مطلق التأمل، لا النظر المصطلح عليه الذى هو ترتيب أمور معلومة للتأدى إلى مجهول؛ لأن الحقيقة قد تعرف من غير أن يكون هناك ترتيب، وعلى هذا فعطف التأمل على النظر للتفسير، ويحتمل أن المراد بالنظر المعنى المصطلح عليه، وعليه فيكون عطف التأمل من قبيل عطف اللازم على الملزوم.

(قوله: سرتنى رؤيتك) أى: فرحتنى رؤيتك، فالرؤية لا تتصف حقيقة بجعل المتكلم موصوفا بالسرور، وإنما يتصف بذلك الجعل المولى سبحانه وتعالى، فالإسناد إليه هو الحقيقة، ولذا أشار المصنف لبيانها بقوله: أى سرنى الله عند رؤيتك، إن قلت: إن التجوز هنا يستلزم أن الرؤية التى أسند إليها ملابسة للفعل وهو السرور، وأى ملابسة هنا؟ قلت: يمكن أن يقال الملابسة من جهة حصول السرور عندها فهو من الإسناد للظرف الزمانى، وخفاء الحقيقة فى هذا المثال وما بعده من جهة عرف الاستعمال، فإن الحقيقة لم تقصد بالاستعمال فى عرف اللغة، فصار بمنزلة المجاز اللغوى الذى لم يستعمل له حقيقة كما قيل فى الرحمن.

واعلم أن هذا القول إنما يكون مجازا إذا أريد منه السرور عند الرؤية كما قلنا، أما إن أريد منه أن الرؤية موجبة للسرور كان حقيقة- كذا فى عبد الحكيم.


(١) لأبى نواس فى ديوانه ص ٢٥٣ ط. بيروت، والتلخيص ص ١٣، وشرح عقود الجمان ١/ ٤٩، والأغانى ٢٥/ ٤١، والمفتاح ص ٢١١، والتبيان للطيبى ١/ ٣٢٢، وبلا نسبة فى نهاية الإيجاز ص ١٧٧، والإيضاح ص ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>