فمرادهم بكونه أخبر حال الجنة غير الصدق وغير الكذب، وهم عقلاء من أهل اللسان عارفون باللغة فيجب أن يكون من الخبر ما ليس بصادق ولا كاذب حتى يكون هذا منه بزعمهم، وعلى هذا لا يتوجه ما قيل أنه لا يلزم من عدم اعتقاد الصدق عدم الصدق؛ ...
===
فيؤول إلى الأظهر الذى قاله الشارح، وإن كان المتبادر منه السالبة
(قوله: فمرادهم إلخ) هذا حاصل لكلام المصنف السابق
(قوله: وهم عقلاء إلخ) جواب عما يقال إنما ألزمت الواسطة من قول هؤلاء وهم كفار فلا اعتبار بهم، فأجاب بأن المعول فى مثل هذا على اللسان واللغة، لا على الإخبار، وهؤلاء من أهل اللسان واللغة فيعول عليهم فى مثله؛ لأنهم لا يخطئون فيه
(قوله: اللسان) أى: اللغة، فقوله عارفون باللغة: تفسير لما قبله.
(قوله: فيجب إلخ) هذا تفريع على قوله فمرادهم إلخ
(قوله: حتى يكون إلخ) حتى تعليلية، وقوله هذا أى الإخبار حال الجنة، وقوله منه أى: مما ليس بصادق ولا كاذب، وقوله: بزعمهم أى: وإن كانت جميع أخباره- صلّى الله عليه وسلّم- صادقة فى نفس الأمر ولا جنة، وقد يقال: هذا الدليل وإن نفى الحصر وأثبتت الواسطة إلا أنه إنما أثبت قسما واحدا من أقسام الواسطة الأربعة، وحينئذ فلا يكون منتجا لتمام المدعى، وقد يجاب بأن مراد الجاحظ إبطال مذهب غيره وإثبات مذهبه فى الجملة.
(قوله: وعلى هذا) أى: ولأجل هذا الذى قررناه بعد قول المصنف وغير الصدق إلخ، وهو قوله: فلا يريدون فى هذا المقام الصدق إلخ، قوله بعد ذلك فمرادهم بكونه أخبر حال الجنة غير الصدق وغير الكذب، فإن هذا يقتضى أن قول المصنف؛ لأنهم لم يعتقدوه علة لكون المراد بالثانى غير الصدق، وأن قول المصنف وغير الصدق عطف على قوله غير الكذب فينحل المعنى، ولا شك أن مراد الكفار بالثانى غير الكذب، ومرادهم به أيضا غير الصدق، وإنما كان مرادهم بالثانى غير الصدق؛ لأنهم لم يعتقدوه
(قوله: لا يتوجه ما قيل) أى: ما قاله الخلخالى اعتراضا على المصنف، وحاصله أنه فهم أن قول المصنف وغير الصدق: خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير وهو أى: الثانى غير الصدق فى الواقع، وإنما كان الثانى غير الصدق؛ لأنهم لم يعتقدوا صدقه، فجعل عدم