للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى الافتراء والإخبار حال الجنة على سبيل منع الخلو، ...

===

فى الآية التعداد فى مقام البيان، فإنه يفيد الحصر

(قوله: فى الافتراء) متعلق بحصروا، كما أن قوله على سبيل ذلك متعلق به.

(قوله: على سبيل منع الخلو) فيه أن المقصود إثبات الواسطة ومانعة الخلو تجوز الجمع، فلو كان الخبر حال الجنة كذبا لم تثبت الواسطة مع أن إثباتها هو المراد، فكان الأولى أن يقول على سبيل منع الخلو. والجمع إلا أن يقال: إن فى الكلام اكتفاء، وحينئذ فقولهم: أفترى على الله كذبا أم به جنة منفصلة حقيقة مانعة جمع وخلو، كقولك: العدد إما زوج أو فرد، أو يقال: إنه أراد منع الخلو بالمعنى الأعم المتنازل للانفصال الحقيقى لا بالمعنى الأخص، وتوضيح ذلك أن منع الخلو بالمعنى الأخص الحكم بالتنافى فى الكذب فقط أى: فى حال كذب الطرفين وارتفاعهما فقط كقولنا: زيد فى البحر، وإما أن لا يغرق وهذا المعنى هو المشهور، ومنع الخلو بالمعنى الأعم هو الحكم بالتنافى فى الكذب مطلقا، سواء حكم بالتنافى فى حال صدق الطرفين واجتماعها أيضا أو حكم بعدمه أو لم يحكم بشىء، وهو بهذا المعنى يشمل الانفصال الحقيقى بخلافه بالمعنى الأخص فلا يشمله، فإذا أريد منع الخلو بالمعنى الأعم صح وجود الواسطة؛ لأن من صور منع الخلو عدم جواز الاجتماع، فلا يجتمع الكذب والخبر حال الجنة وهم من أهل اللسان فتعين أن يكون الخبر حال الجنة غير الكذب؛ لأنه قسيمه، وغير الصدق لأنهم يعتقدون عدم صدقه فتوجد الواسطة وحيث وجدت فلا يصح أن يكون الصدق عبارة عن مطابقة الواقع أو الاعتقاد، والكذب عدم مطابقة الواقع أو الاعتقاد وإلا لانتفت الواسطة، فتعين أن يكون الصدق عبارة عن المطابقة لهما معا، والكذب عدم المطابقة لهما معا وهو المطلوب. فإن قلت: لم عبر بقوله على سبيل منع الخلو ولم يقل على سبيل الانفصال الحقيقى مع أن القضية من قبيله فى نفس الأمر؟ قلت: إنما عبر بمنع الخلو؛ لأنه لا غرض لهم فى منع الاجتماع بين الأمرين، وإنما مطمح نظرهم منع الخلو فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>