للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْ بِهِ جِنَّةٌ (١)) لأن الكفار حصروا إخبار النبى صلّى الله عليه وسلّم بالحشر والنشر على ما يدل عليه قوله تعالى: إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ

===

(قوله: أم به جنة) أم متصلة بدليل سبق همزة الاستفهام عليها، ولا يقال إن شرط المتصلة أن تقع بين جملتين متساويتين فى الفعلية أو الاسمية وهنا ليس كذلك؛ لأنا نقول أم به جنة فى تأويل أم لم يفتر، أو أم أخبر حال كونه به جنة، ويجوز أن يكون جنة مرفوعا بفعل محذوف، أى: حصل، فما بعد أم جملة فعلية بالفعل على هذا، أو مؤول بها على الأول على أنه صرح ابن مالك (٢) ومن تبعه بجواز وقوع المتصلة بين غير المتساويتين فى الاسمية أو الفعلية

(قوله: لأن الكفار إلخ) علة لكون ما ذكر دليلا على المدعى وهو عدم انحصار الخبر فى الصادق والكاذب وثبوت الواسطة بينهما، والمراد هنا بالكفار كفار قريش، وقوله بالحشر متعلق بإخبار، فالمحصور فى الافتراء والإخبار حالة الجنة إنما هو إخباره بالحشر والنشر؛ لأنهم لما استبعدوا النشر الذى هو الإحياء بعد الموت والحشر الذى هو سوق الخلق للحساب ثم لمفرهم حصروا إخبار النبى بهما فى الافتراء والإخبار حال الجنون لا جميع إخباره ولا إخباره بغير ذلك كالرسالة، كما يدل لذلك الآية فقوله على ما يدل: متعلق بإخباره بالحشر والنشر، فإن قلت إثبات الواسطة بالدليل المذكور على تقدير عدم الحصر أظهر لكثرة أفراد الإخبار، واحتمال أن ما عدا هذين الفردين من الواسطة، فكثرة الأفراد أنفع للمستدل القائل بالواسطة، فالأولى للشارح أن يقول: زعموا أن إخباره بالحشر إلخ، بدل قوله: وأجيب بأن تعبير الشارح بحصر والموافقة الآية المستدل بها لا لتوقف الاستدلال على الحصر، ووجه الحصر


(١) سورة: سبأ، الآية: ٨.
(٢) هو أبو عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك السكاكى الجيّانى الأندلسي، ولد فى جيان من أعمال الأندلس سنة ٦٠٠ هـ- وهو أحد الأئمة فى علوم العربية من مصنفاته" الألفية" المشهورة فى النحو، و" تسهيل الفوائد"، و" لامية الأفعال" و" الكافية الشافية"، و" سبك المنظوم وفك المختوم" وغيرها الكثير توفى رحمه الله سنة ٦٧٢ هـ (وانظر الأعلام ٦/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>