للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنكر انحصار الخبر فى الصدق والكذب، ...

===

لو يمسخ الخنزير مسخا ثانيا ... ما كان إلّا دون مسخ الجاحظ

رجل ينوب عن الجحيم بوجهه ... وهو القذى فى عين كلّ ملاحظ

من جملة شعره (١):

أترجو أن تكون وأنت شيخ ... كما قد كنت أيّام الشّباب

لقد كذبتك نفسك أىّ ثوب ... خليع كالجديد من الثياب

وكان موته بوقوع مجلدات العلم عليه، وهو ضعيف بالبصرة سنة خمس ومائتين، وقد جاوز السبعين

(قوله: أنكر إلخ) أشار بهذا إلى أن الجاحظ مبتدأ خبره محذوف، وأما جعله فاعلا لفعل محذوف فلا يصح؛ لأن هذا الموضع ليس من المواضع التى يحذف فيها الفعل وهى أربعة:

أن يقع الفعل فى جواب نفى أو استفهام كقولك: زيد جوابا لمن قال: من جاء، وبعد إذا وإن الشرطيتين نحو: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (٢) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ (٣)، وبعد فعل يستلزمه نحو:

ليبك يزيد ضارع لخصومة (٤)

أى: يبكيه ضارع، لكن الحذف فى الثالث واجب وفيما عداه جائز، واعلم أنه كما يحذف الفعل فى مواضع أربعة، كذلك يحذف الفاعل فى مواضع أربعة، وقد نظم الجميع بعض الأفاضل:


(١) أورد هذه الأبيات صاحب تاريخ بغداد فى ترجمة الجاحظ مساقة بإسناده إلى المبرد راويها حيث قال:
دخلت على الجاحظ فى آخر أيامه وهو عليل فقلت له: كيف أنت؟ فقال: كيف يكون من نصفه مفلوج ولو نشر بالمناشر ما حس به؟ ونصفه الآخر منقرس لو طار الذباب بقربه لآلمه والآفة فى جميع هذا أنى قد جزت التسعين. ثم أنشد البيتين. وانظر تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ١٢/ ٢٠٨.
(٢) الانشقاق: ١.
(٣) التوبة: ٦.
(٤) أورده بدر الدين بن مالك فى المصباح ص ٤٦، والخصائص ٢/ ٤٢٤، وهو لضرار بن نهشل يرثى يزيد ابن نهشل، والفعل مبنى للمجهول، كأنه قيل: من يبكيه؟ فقال: يبكيه ضارع، وتمام البيت: ومختبط مما تطيح الطوائح.

<<  <  ج: ص:  >  >>