للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراد فى تعريف الأمور التى تختلف باختلاف الاعتبارات والإضافات، ولا يخفى أن الحقيقة والمجاز ...

===

غير ما وضعت له فقط كان المراد هو الكلمة من تلك الحيثية وهى كونها مستعملة فى غير الموضوع له فقط، وهى بذلك الاعتبار تخالف نفسها باعتبار آخر، وإذا قيل:

الحقيقة هى الكلمة المستعملة فيما وضعت له، كان المراد أن الحقيقة هى الكلمة من تلك الحيثية، وهى كونها مستعملة فى الموضوع له فقط، وهى بذلك الاعتبار تكون غير المجاز والكناية، وإن كان الجميع شيئا واحدا فى نفسه، وإذا قيل: الكناية هى الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له مع جواز إرادة المعنى الموضوع له، كان المراد أن الكناية هى الكلمة من تلك الحيثية، أى كونها مستعملة فى الغير مع صحة إرادة الموضوع له، وهى بهذا الاعتبار تخالف نفسها حالة كونها موصوفة بغير معنى الكناية.

وإذا علمت أن قيد الحيثية مرعى فى تعريف الأمور الاعتبارية، وأن الحقيقة والمجاز من ذلك القبيل، تعلم أن قول السكاكى فى تعريف الحقيقة هى الكلمة المستعملة فيما وضعت له مفيد للمراد من غير حاجة لزيادة قيد اصطلاح التخاطب، إذ مفاده حينئذ أنها هى الكلمة المستعملة فيما وضعت له من حيث إنها وضعت له، فإن قلت:

هلا اكتفى بقيد الحيثية بالنسبة للمجاز أيضا، قلت: الأصل ذكر القيد، وأيضا إذا اعتبرت الحيثية فى تعريفه يصير المعنى أن المجاز الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له، من حيث إنه غير ما وضعت له، واستعمال المجاز فى غير الموضوع له ليس من حيث إنه غير الموضوع له بل من حيث إن بينه وبين الموضوع له نوع وعلاقة.

(قوله: مراد فى تعريف الأمور التى تختلف إلخ) احترز بذلك عن الماهيات الحقيقية التى تختلف بالفصول، وهى الأمور المتباينة التى لا تجتمع فى شىء كالإنسان والفرس، فليس قيد الحيثية معتبرا فى تعريفها، إذ لا التباس فيها لعدم اجتماعها، فإذا عرفت الإنسان بالحيوان الناطق، والفرس بالحيوان الصاهل، لم يحتج إلى أن يراعى فى الإنسان من حيث إنه ناطق لإخراج الإنسان الذى هو فرس من حيث إنه صاهل، ولا أن يراعى فى الفرس من حيث إنه صاهل، إذ لا التباس بين الصاهل والناطق فى الماصدق

(قوله: والإضافات)

<<  <  ج: ص:  >  >>