قد فسر الوضع بتعيين اللفظ بإزاء المعنى بنفسه، وقال: وقولى: بنفسه احتراز عن المجاز المعين بإزاء معناه بقرينة، ولا شك أن دلالة الأسد على الرجل الشجاع إنما هو بالقرينة؛ فحينئذ لا حاجة إلى تقييد الوضع فى تعريف الحقيقة بعدم التأويل، وفى تعريف المجاز بالتحقيق، اللهم إلا أن يقصد زيادة الإيضاح، لا تتميم الحد،
===
(قوله: قد فسر الوضع) أى المطلق
(قوله: بازاء المعنى) أى فى مقابلته
(قوله: بنفسه) أى ليدل عليه بنفسه من غير قرينة
(قوله: بقرينة) أى حالة كون ذلك التعيين ملتبسا بقرينة (وقوله: ولا شك أن دلالة الأسد على الرجل الشجاع) يعنى على وجه الاستعارة،
(قوله: إنما هو بالقرينة) أى: والتأويل، أى وحينئذ فلم يدخل وضع الاستعارة فى الوضع إذا أطلق
(قوله: فحينئذ) أى فحين إذ كان الوضع إذا أطلق لا يتناول الوضع بالتأويل
(قوله: لا حاجة إلى تقييد الوضع فى تعريف الحقيقة بعدم التأويل) أى لإخراج الاستعارة؛ وذلك لأنه لا يقال إن الكلمة مستعملة فيما وضعت له إلا إذا لم يكن هناك تأويل، بأن استعملت فيما وضعت له تحقيقا، فالاستعارة خارجة بقيد الوضع، وقيد عدم التأويل بعده غير محتاج له فى إخراجها
(قوله: وفى تعريف المجاز) أى ولا حاجة لتقييد الوضع فى تعريف المجاز بالتحقيق، يعنى لإدخال الاستعارة فيه؛ وذلك لأنه حيث قيل: كلمة مستعملة فى غير ما هى موضوعة له لا ينصرف لغير الوضع الحقيقى، فيكون الوضع الحقيقى منفيّا، فيبقى التأويلى وهو الذى للاستعارة، وحينئذ فالاستعارة داخلة فى التعريف بقيد الوضع، ولا يحتاج لقيد التحقيق بعده لإدخالها فيه
(قوله: اللهم إلخ) جواب أول من طرف السكاكى بالتسليم، وحاصله أنا لا نسلم أن الوضع إذا أطلق لا يتناول الوضع بالتأويل، بل لا يدل إلا على الوضع بالتحقيق، وأن السكاكى لاحظ ما ذكر لكنه زاد لفظ التحقيق وزاد قوله: من غير تأويل فى الوضع، ليتضح المراد من الوضع كل الاتضاح، بمنزلة أن يقال: جاء الإنسان الناطق بالتصريح بفصله حتى لا يتطرق إليه إمكان حمله على معناه الحقيقى بادعاء قرينة تجوز مثلا، وعلى هذا فقول السكاكى: وقولى بالتحقيق للاحتراز إلخ، معناه لزيادة ظهور الاحتراز الحاصل بالوضع، لا أنه لأصل الاحتراز، وإلا كان ذلك القيد تتميما للحدّ لا لزيادة الإيضاح.