توطئة ذكر الغير بعده، ليتعلق به قوله: بالنسبة إلخ، ولو حذفه وعلق قوله: بالنسبة بغير من قوله: فى غير ما هى موضوعة له ما ضر، لكنه صرح به لطول الفصل.
(قوله: بالنسبة إلى نوع حقيقتها) متعلق بالغير كما قال الشارح، وحينئذ فالمعنى: المجاز اللغوى هو الكلمة المستعملة فى معنى مغاير للمعنى الذى وضعت له الكلمة وضعا حقيقيّا، وتلك المغايرة بين المعنيين بالنسبة إلى نوع حقيقتها- أى الكلمة- عند المستعمل، وأورد عليه أن الحقيقة هى اللفظ ويجب أن يكون نوعها لفظا آخر، وحينئذ فينحل كلامه إلى قولنا: المجاز هو الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له، بالنسبة إلى نوع أى لفظ آخر هو حقيقة لهذا اللفظ المجازى، فأسد مثلا إذا استعمل فى الرجل الشجاع كان مستعملا فى غير ما وضع له، بالنسبة إلى كلمة أخرى حقيقة لتلك الكلمة أعنى لفظ أسد، فيكون لفظ أسد له كلمة أخرى حقيقة فى ذلك اللفظ، هذا ظاهره ولا معنى لذلك بل اللفظ واحد، لكن إن استعمل فى معنى كالحيوان المفترس كان فيه حقيقة، وإن استعمل فى معنى آخر كالرجل الشجاع كان فيه مجازا، وأجيب بأن إضافة نوع إلى حقيقتها إضافة بيانية أى إلى نوع هو حقيقة عند المتكلم بها، ومحصله أن المجاز اللغوى هو الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له وضعا حقيقيّا، وتلك المغايرة بين المعنيين بالنسبة إلى كونها حقيقة، أى بالنسبة إلى معناها الموضوع له عند المتكلم، فلفظ الصلاة إذا استعمله الشرعى فى الدعاء صدق عليه أنه كلمة مستعملة فى معنى مغاير لما هى موضوعة له، ومغايرته لذلك بالنسبة إلى معناها الحقيقى عند الشرعى؛ لأن الدعاء مغاير للأقوال والأفعال، وكذا يقال فى الأسد إذا استعمله اللغوى فى الرجل الشجاع، فإنه يصدق عليه أنه كلمة مستعملة فى غير ما وضعت له بالنسبة لمعناها الحقيقى عنده، وإنما أتى بقوله: بالنسبة إلخ؛ لأن التعريف بدونه غير مانع وغير جامع.
أما كونه غير مانع فلدخول بعض أفراد الحقيقة فيه، كالصلاة يستعملها اللغوى فى الدعاء، فإنه يصدق عليها أنها كلمة استعملت فى غير ما وضعت له بالتحقيق؛ لأنها وضعت بالتحقيق لذات الأركان أيضا، فهى فى الدعاء مستعملة فى غير الموضوع له فى