(قوله: كقوله: أسد علىّ) أى: كقول عمران ابن قحطان مفتى الخوارج وزاهدهم- خطابا للحجاج توبيخا له أى: أنت أسد علىّ وأنت نعامة فى الحروب.
فعلى متعلق بأسد لكونه بمعنى مجترىء صائل، وفى الحروب متعلق بنعامة لكونه بمعنى جبان؛ لأن النعامة من أجبن الحيوانات، وتمام البيت:
فتحاء تنفر من صفير الصّافر
والفتحاء بالحاء المهملة والمد: المسترخية الجناحين عند النزول والمراد من قوله تنفر من صفير الصافر: أنه يترعج من مجرد الصدى. وبعد البيت المذكور:
هلا برزت إلى غزالة فى الوغى ... بل كان قلبك فى جناحى طائر
الخطاب فى برزت للحجاج، وغزالة هى امرأة شبيب الخارجى، وكان يضرب المثل بشجاعتها، نقل أنها هجمت الكوفة ليلا فى ثلاثين فارسا، وكان الحجاج فى الكوفة وصحبته ثلاثون ألف مقاتل، فخرج هاربا بهم فصلّت صلاة الصبح فيها وقرأت فى تلك الصلاة سورة البقرة
(قوله: أى مجترئ) تفسير للمعنى المجازى المشبه بالأسد؛ وذلك لأن أسدا لا يصح تعلق الجارّ والمجرور به، إلا إذا كان فيه معنى الفعل ولا يكون فيه معنى الفعل إلا إذا قصد منه الاجتراء، والاجتراء لا يكون مقصودا منه إلا إذا استعمل فيه مجازا، وأما عند استعماله فى المعنى الحقيقى فلا يقصد منه الاجتراء وإن كان الاجتراء حاصلا وفرق بين حصول الشىء قصدا وحصوله من غير قصد. نعم، يمكن أن يقال من طرف المصنف: إن الجار والمجرور متعلق بالأداة لما فيها من معنى الفعل وهو أشبه
(١) هو لعمران بن قحطان مفتى الخوارج، شعر الخوارج ٦٤، اتجاهات الشعر فى العصر الأموى [ط دار الثقافة العربية] ص ١٩٠.