للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن المصير إلى ذلك إنما يجب إذا كان أسد مستعملا فى معناه الحقيقى.

وأما إذا كان مجازا عن الرجل الشجاع- فحمله على زيد صحيح، ويدل على ما ذكرنا: أن المشبه به فى مثل هذا المقام كثيرا ما يتعلق به الجارّ والمجرور،

===

المبالغة فى زيد بإيهام أنه عين الأسد

(قوله: لأن المصير إلى ذلك) أى: التشبيه بحذف الأداة

(قوله: فحمله على زيد صحيح) لأن المعنى زيد رجل شجاع، والحاصل: أن قولنا: زيد أسد أصله: زيد رجل شجاع كالأسد، فحذف المشبه وأداة التشبيه، وتنوسى التشبيه، واستعمل المشبه به فى معنى المشبه على سبيل الاستعارة؛ لأن المشبه- وهو الذات المتصفة بالشجاعة- لم يذكر لفظه، وقد ذكر المشبه به مكانه مخبرا به عن زيد، وأما زيد فليس مشبها به إلا من حيث كونه ذاتا صدقت عليها الشجاعة، وبتلك الحيثية أخبر عنه، وأما من حيث إنه شخص عين بهذا العلم فليس مشبها. هذا وقد ضعف بعضهم ما قاله الشارح من البحث: بأنه لا بدّ من المبالغة فى الاستعارة ولا مبالغة فى قولنا: زيد رجل شجاع كالأسد، فإن الحكم باتحاد زيد بالرجل الشجاع والتشبيه بالأسد يفيد تشبيه زيد بالأسد ولا مبالغة فيه، وردّ بأنه إذا استعمل لفظ المشبه به فى المشبه وهو الرجل الشجاع كان تشبيهه به مفروغا منه مسلما والمقصود الحكم بالاتحاد كما فى: رأيت أسدا يرمى، فإن تشبيه الرجل الشجاع بالأسد مفروغ منه والمقصود إيقاع الرؤية عليه، فحصلت المبالغة فى الرجل الشجاع باستعمال لفظ المشبه به فيه وجعله فردا ادعائيّا له- فتأمل.

(قوله: على ما ذكرنا) أى: من أن أسدا مستعمل فى الرجل الشجاع لا فى الحيوان المفترس الذى وضع له

(قوله: فى مثل هذا المقام) أى: فى هذا المقام وما ماثله من كل تركيب ذكر فيه المشبه به والمشبه بحسب الصورة ولم تذكر الأداة

(قوله: كثيرا ما يتعلق به الجارّ والمجرور) أى: وتعلق الجارّ والمجرور به دليل على أنه مؤول بمشتق:

كشجاع ومجترئ ونحوهما، فإن الشجاع مشتق من الشجاعة والمجترئ من الجراءة، ولو كان المشبه به مستعملا فى معناه الحقيقى ما تعلق به الجارّ والمجرور لكونه جامدا

<<  <  ج: ص:  >  >>