للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما فى قوله فى صفة كلب: يقعى ...

===

واعلم أن هيئة السكون على وجهين أيضا أحدهما: أن تكون الهيئة التركيبية منتزعة من السكون وحده مجردا عن غيره من أوصاف الجسم ولا بد أيضا من تعدد أفراد السكون.

والثانى: أن يعتبر فى تلك الهيئة مع السكون غيره ولا يشترط فى هذا تعدد أفراد السكون، وقد مثل المصنف للوجه الأول. ومثال الثانى قول بعضهم يصف مصلوبا:

كأنّه عاشق قد مدّ صفحته ... يوم الوداع إلى توديع مرتحل (١)

فقد اعتبر سكون عنقه وصفحته فى حال امتدادها واعتبر مع ذلك السكون صفة اصفرار الوجه بالموت؛ لأن تلك الهيئة موجودة فى العاشق المادّ عنقه وصفحته لوداع المعشوق

(قوله: كما فى قوله) قال فى المطول أى: كوجه الشبه فى قول أبى الطيب المتنبى، ونازعه العصام فى الأطول: بأن" ما" واقعة على التركيب بشهادة سوق الكلام، وبيان المصنف لكلمة ما فإنه ذكر فى بيانه تركيب المشبه لا وجه الشبه، إذ الهيئة الحاصلة من موقع كل عضو من الكلب فى إقعائه هى المشبه، والهيئة الحاصلة من جلوس البدوى المصطلى وموقع كل عضو منه فى جلوسه المشبه به- اه.

والحق أن كلام المصنف عامّ كما مر، والبيت ذكر على سبيل التمثيل فلا يخصص عموم الكلام

(قوله: يقعى .. إلخ) (٢) هذا أول البيت وهو مقول القول، وتمامه:

بأربع مجدولة لم تجدل أى: على أربع قوائم وهى يداه ورجلاه، وقوله مجدولة أى:

محكمة الخلق من جدل الله أى: تقديره، وقوله لم تجدل أى: لم يجدلها ولم يفتلها الإنسان فلا تناقض لاختلاف الجهة لما علمت أن الجدل المثبت جدل الله أى: إحكامه وإتقانه، والجدل المنفى جدل الإنسان بمعنى فتله- كذا فى المطول، وقال فى الأطول:

يحتمل أن يراد بنفى الجدل نفى جمعها كما يكون للكلب فى غير صورة الإقعاء، وحينئذ فالمعنى: وأربع مجموعة لا غير مجموعة، والغرض من تشبيه الكلب فى حال إقعائه


(١) البيت لأبى الطيب المتنبى فى كتاب التلخيص فى علوم البلاغة.
(٢) البيت للأخطل فى صفة مصلوب، وهو فى شرح عقود الجمان ٢/ ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>