جزئه والمساوى للأوضح أوضح، فيقال هذا اللازم لما فهم مما سبق الأمر بعكسه وهو أن دلالة الشىء على جزء جزئه أوضح من دلالته على جزئه؛ لأن فهم الجزء سابق على فهم الكل، وأجيب عن الثانى بأن فى الكلام حذفا والأصل لأن فهم الجزء سابق على فهم الكل أى: وحينئذ فيكون فهم جزء الجزء سابقا على فهم الجزء لكونه كلا بالنسبة إلى جزء الجزء، أو أن مراد الشارح بالجزء جزء الجزء وبالكل الجزء من كل آخر كالجسم فإنه بالنسبة للإنسان جزء جزئه وبالنسبة للحيوان جزؤه، وكالحيوان فإنه بالنسبة للإنسان جزء وبالنسبة للجسم كل- فتأمل.
(قوله: نعم) أى: الأمر بالعكس من أن دلالة الشىء على جزء جزئه أوضح من دلالته على جزئه كما ذكرتم لما تقرر أن الجزء سابق على الكل فى الوجود، وإلا لبطلت الجزئية، لكن الذى حملنا على ما قلناه سابقا ما صرح به القوم من أن التضمن تابع للمطابقة فى الوجود، فيكون المقصود فى دلالة التضمن انتقال الذهن إلى الجزء وملاحظته على حدة بعد فهم الكل، فالإنسان إذا سمع لفظا وكان عارفا بوضعه وفاهما لجميع أجزاء الموضوع له أول ما يفهم منه المعنى الموضوع له اللفظ إجمالا، ثم ينتقل لفهم جزء ذلك المعنى على حدة إن كان له جزء، ثم إن كان لذلك الجزء جزء انتقل إليه على حدة وهلم جرا، فيرتكب التدلى فصح ما ذكرناه من أن دلالة لفظ الكل على الجزء أوضح من دلالته على جزء الجزء لتأخره عن فهم الجزء، وما فى السؤال من أن الأمر بالعكس فهو منظور فيه لجهة أخرى وهى جهة قصد فهم ما يراد من اللفظ فيرتكب فى تلك الجهة الترقى، والحاصل: أنه عند قصد فهم ما يراد من اللفظ يراعى جهة الترقى فى التركيب بأن يفهم أولا جزء الجزء ثم الجزء ثم الكل، وهذا ملحظ السائل، وأما إذا كان المخاطب فاهما لجميع أجزاء الموضوع له فيراعى جهة التدلى والتحليل بأن يفهم معنى اللفظ الموضوع له إجمالا ثم ينتقل لجزئه على حدة لا فى ضمن الكل ثم ينتقل لجزء جزئه على حدة لا فى ضمن الجزء، وهذا ملحظ ما ذكرناه سابقا من أن دلالة لفظ الكل على الجزء أوضح من دلالته على جزء الجزء.