للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(و) احترز (بفائدة عن التطويل) وهو أن يزيد اللفظ على أصل المراد لا لفائدة، ولا يكون اللفظ الزائد متعينا (نحو: قوله (١): )

===

مراده أن العيش الناعم فقط مع رذيلة الجهل والحماقة خير من العيش الشاق مع فضيلة العقل، والبيت لا يفى بهذا المعنى المراد؛ لأن اعتبار الناعم فى الأول وفى ظلال العقل فى الثانى لا دليل عليه، فنبه المصنف على أن فى المصراع الأول حذف الصفة أى: والعيش الناعم، وفى المصراع الثانى حذف الحال أى: ممن عاش كدّا فى ظلال العقل، وكل منهما لا يعلم من الكلام ولا يدل عليه دلالة واضحة، إذ لا يفهم السامع هذا المراد من البيت حتى يتأمل فى ظاهر الكلام فيجده غير صحيح لاقتضائه أن العيش ولو مع النكد فى حالة الحمق خير من العيش النكد فى ظلال العقل وهذا غير صحيح لاستوائهما فى النكد وزيادة الثانى بالعقل الذى من شأنه التوسعة وإطفاء بعض نكدات العيش، فإذا تأمل فى ظاهر الكلام ووجده غير صحيح قدر ما ذكر من الأمرين فى البيت لأجل صحة الكلام، ولا يقال: إن المحذوف فى هذا البيت دلت عليه القرينة التى هى عدم صحة ظاهر الكلام فهى التى عرفتنا أن المراد الناعم وأن المراد فى ظلال العقل وحيث كان هناك قرينة دالة على ذلك المحذوف فلا إخلال؛ لأنا نقول لا نسلم أن القرينة هنا تدل على تعيين ما ذكر سلمنا أنها تدل (٢)، لكن دلالة ظنية لا يهتدى إليها إلا بمزيد نظر وتأمل فهو لا يخلو عن الخلل بهذا الاعتبار، هذا وذكر العلامة جلال الدين السيوطى فى شرح عقود الجمان: أنه لا إخلال فى البيت بل فيه النوع البديعى المسمى بالاحتباك حيث حذف من كل ما أثبت مقابله فى الآخر، فما ذكره فى كل محل قرينة معينة للمحذوف من المحل الآخر.

(قوله: عن التطويل) أى: وعن الإسهاب وهو أعم من الإطناب فإنه التطويل مطلقا لفائدة أو لغيرها كما ذكره التنوخى وغيره- كذا فى عروس الأفراح.

(قوله: نحو قوله) أى: قول عدى بن زيد العبادى من قصيدة طويلة يخاطب بها النعمان بن المنذر حين كان حابسا له، ويذكره فيها حوادث الدهر وما وقع لجذيمة وللزباء من الخطوب ومطلعها:


(١) البيت لعدى بن زيد فى ذيل ديوانه ص ١٨٣.
(٢) كذا بالمطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>