للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعيش خير فى ظلال ... النّوك) أى: الحمق والجهالة (ممن عاش كدا) أى:

مكدودا متعوبا.

(أى: الناعم، وفى ظلال العقل) يعنى: أن أصل المراد: أن العيش الناعم فى ظلال النوك خير من العيش الشاق فى ظلال العقل. ولفظه غير واف بذلك فيكون مخلا فلا يكون مقبولا.

===

عيشن بجدّ لا يضر ... ك النّوك ما أوليت جدّا (١)

(قوله: والعيش) أراد به المعيشة أى: ما يتعيش به من مأكل ومشرب، وفى الكلام حذف الصفة أى: الناعم، والمراد بنعومته كونه لذيذا، وقيل المراد بالمعيشة:

الحياة، والمراد بنعومتها كونها مع الراحة

(قوله: فى ظلال النوك) حال من ضمير خير أو من المبتدأ على رأى سيبويه وإضافة الظلال للنوك من إضافة المشبه به للمشبه بجامع الاشتمال والظلال: جمع ظلة بالضم وهى ما يتظلل به كالخيمة، فشبه النوك الذى هو الجهل بالظلال بجامع الاشتمال وأضاف المشبه به للمشبه

(قوله: أى الحمق والجهالة) تفسير للنوك بضم النون، والمراد بالحمق والجهالة عدم العقل الذى يتأمل به فى عواقب الأمور

(قوله: ممن عاش) أى: من عيش من عاش كدا حالة كونه فى ظلال العقل؛ وذلك لأن الجاهل الأحمق يتنعم على أى وجه ولا يضيق على نفسه بشىء والعاقل يتأمل فى العواقب والآفات وخوف الفناء والممات فلا يجد للعيش لذة

(قوله: أى مكدودا متعوبا) المتبادر من هذا التفسير أنه حال من ضمير عاش ولما كان مصدرا أوله ب" مكدودا" على ما هو أحد الطرق فى وقوع المصدر حالا، ويحتمل أن يكون صفة مصدر محذوف أى: عيشا كدا، وقوله: متعوبا: تفسير ل" مكدودا"

(قوله: أى الناعم إلخ) هذا بيان لما أخل به الشاعر وتوضيحه أن البيت يفيد أن العيش فى حال الجهل سواء كان ناعما أو لا خير من عيش المكدود سواء كان عاقلا أو لا، مع أن هذا غير مراد الشاعر، بل


(١) البيت للحارث بن حلزة فى ديوانه ص ٤٦، وجمهرة اللغة ص ١٠٠٠، والأغانى ١١/ ٤٤، وبهجة المجالس ١/ ١٨٧، وجمهرة الأمثال ١/ ١٢٩، وشعراء النصرانيّة ص ٤١٧، ولكنه ورد برواية أخرى:
فعش بجدّ لا يضر ... ك النّوك ما لاقيت حدّا

<<  <  ج: ص:  >  >>