على من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد؛ يعنى: كما أن الكلام يوصف بالإيجاز لكونه أقل من المتعارف كذلك يوصف به لكونه أقل مما يقتضيه المقام بحسب الظاهر، وإنما قلنا:[بحسب الظاهر] لأنه لو كان أقل مما يقتضيه المقام ظاهرا وتحقيقا لم يكن فى شىء من البلاغة؛ مثاله قوله تعالى: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي (١) ... الآية، فإنه إطناب بالنسبة إلى المتعارف؛ أعنى: قولنا: يا رب شخت، وإيجاز بالنسبة إلى مقتضى المقام ظاهرا؛ لأنه مقام بيان انقراض الشباب وإلمام المشيب؛ فينبغى أن يبسط فيه الكلام غاية البسط.
فللإيجاز معنيان ...
===
(قوله: على من له قلب) أى: عقل، وقوله أو ألقى السمع أى: أصغى أو أمال السمع، وهو شهيد أى: حاضر ولا يخفى ما فى كلامه من الاقتباس من الآية الشريفة
(قوله: بحسب الظاهر) أى: بحسب ظاهر المقام لا بحسب باطنه؛ لأن باطن المقام يقتضى الاقتصار على ما ذكر؛ لأنه إنما عدل عما يقتضيه الظاهر لغرض كالتنبيه على قصور العبارة أو لأجل التفرغ لطلب المقصود، فإذا كان ما هو أقل مما يقتضيه المقام بحسب الظاهر بليغا
(قوله: وتحقيقا) أى: وباطنا وهما منصوبان على التمييز المحول عن الفاعل أى: لأنه لو كان أقل مما يقتضيه ظاهر المقام وباطنه
(قوله: لم يكن فى شىء من البلاغة) أى: لعدم مطابقته لمقتضى المقام ظاهرا وباطنا، وإذا لم يكن فى شىء من البلاغة فكيف يوصف بالإيجاز الذى هو وصف الكلام البليغ؟ !
(قوله: مثاله) أى: مثال الموجز المفهوم من الإيجاز الراجع لكون الكلام أقل مما يقتضيه المقام بحسب الظاهر
(قوله: قوله تعالى) أى: حكاية عن سيدنا زكريا
(قوله: وإلمام المشيب) من عطف اللازم على الملزوم والإلمام النزول
(قوله: فينبغى) أى: لكون المقام مقام التشكي مما ذكر.
(قوله: أن يبسط فيه الكلام غاية البسط) بناء على الظاهر كأن يقال: وهن عظم اليد والرجل، وضعفت جارحة العين، ولانت حدة الأذن إلى غير ذلك