ولذلك اختلفت الصور الثابتة فى الخيالات ترتبا ووضوحا) فكم من صور لا انفكاك بينها فى خيال، وهى فى خيال آخر مما لا تجتمع أصلا، وكم من صور لا تغيب عن خيال وهى فى خيال آخر مما لا يقع قط.
===
العطف فى غير القرآن بذكر الأرض أولا، ثم الجبال، ثم السماء، ثم الإبل لم يحسن؛ لأن صور المذكورات لم تقترن فى خيال أصحابها على هذا الوجه فلم تتضح فيها كذلك، والمعتبر خيال السامع؛ لأنه الذى يراعى حاله فى غالب الخطاب لا خيال المتكلم
(قوله: ولذلك) أى: ولأجل اختلاف أسباب التقارن اختلفت الصور الثابتة فى الخيال أى: التى من شأنها ذلك، وأشار بقوله ترتبا ووضوحا إلى أن المختلف بسبب اختلاف الأسباب هو ترتب الصور ووضوحها باعتبار الخيالات
(قوله: ترتبا ووضوحا) تمييز محول عن فاعل اختلفت أى: اختلف ترتب الصور ووضوحها، والمراد بترتبها اجتماعها فى الخيال بحيث لا تنفك عن بعض، والمراد بوضوحها عدم غيبتها عن الخيال كما يؤخذ من كلام الشارح أى: اختلفت اجتماعا وعدم اجتماع، وضوحا وعدم وضوح.
(قوله: فكم من صور إلخ) أى: لأنه كم من صور وهذا التعليل راجع لما قبله على سبيل اللف والنشر المرتب، فقوله فكم من صور لا انفكاك إلخ: راجع لاختلاف الصور ترتبا، (وقوله: وكم من صور لا تغيب إلخ) راجع لاختلافها وضوحا، (وقوله:
فكم من صور لا انفكاك إلخ) كصورة القلم والدواة والقرطاس، (وقوله: لا انفكاك بينها فى خيال) أى: كخيال الكاتب الذى تعلقت همته بالكتابة، فإذا حضرت صورة أحدها فى خياله حضر صور الباقى، وذلك لكثرة إلف خياله لها، (وقوله: وهى فى آخر مما لا تجتمع) أى: كخيال النجار أو البناء فإن صور هذه المذكورات لا تجتمع فى خياله، وإن استحضر واحدا منها بأن رآه لم يقارنه الباقى لقلة إلف خياله به، وهذا مناسب لما قدرناه بقولنا: وعدم اجتماع
(قوله: وكم من صور لا تغيب إلخ) أى: كصورة محبوب زيد، فإنها لا تغيب عن خيال زيد ولا تقع فى خيال عمرو الذى هو غير محب، وقول الشارح: وهى فى خيال آخر مما لا يقع قط هذا مناسب لما قدرناه سابقا بقولنا وعدم وضوح وقد علم من كلام الشارح هذا أن المراد بالترتب ارتباط الصور فى الخيال بحيث