للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابق) على العطف لأسباب مؤدية إلى ذلك (وأسبابه) أى: وأسباب التقارن فى الخيال (مختلفة؛ ...

===

وليس المراد بالتقارن فى الخيال أن يكون الشيئان ثابتين فيه؛ لأن الصور المتقاربة والمتباعدة كلها ثابتة فى الخيال؛ لأنه خزانة لها

(قوله: سابق على العطف) أى: سابق ذلك التقارن فى خيال المخاطب على العطف ليكون مصححا له، وأما لو كان التقارن حاصلا بالعطف فلا يكفى- كذا قرر بعضهم، وفى الشيخ يس: أن الظاهر أن هذا القيد لبيان الواقع لا للاحتراز- فتأمله.

(قوله: لأسباب مؤدية إلى ذلك) متعلق بتقارن أى: بأن يكون بينهما تقارن فى الخيال لأجل أسباب مؤدية إلى ذلك التقارن

(قوله: وأسبابه مختلفة) أى: لأن تلك الأسباب وإن كان مرجعها إلى مخالطة ذوات تلك الصور الحسية المقترنة فى الخيال بمعنى أن تلك المخالطة مآل تلك الأسباب ومنشؤها، إلا أن أسباب تلك المخالطة مختلفة فيمكن وجودها عند شخص دون آخر، مثلا إذا كان المخاطب صنعته الكتابة فإنها تقتضى مخالطته لآلاتها من قلم ودواة ومداد وقرطاس فتقترن صور المذكورات بخياله، فيصح أن يعطف بعضها على بعض فيقول القلم عندى والدواة عندك، وإذا تعلقت همته بصنعة الصياغة أوجب ذلك له مخالطة آلاتها وأمورها من سبائك الذهب والفضة، فتقترن صور المذكورات بخياله فيصح أن يعطف بعضها على بعض، وإذا كان من أهل التعيش بالإبل مثلا أوجب له ذلك مخالطتها وأمورها من رعيها فى خصب ناشئ عن المطر النازل من السماء ومن الإيواء بها إلى محل الرعى والحفظ كالجبال، ثم إلى الانتقال بها إلى أرض دون أخرى طلبا للكلأ فتقترن صور المذكورات فى خياله فيصح عطف بعضها على بعض باعتبار من اقترنت بخياله دون غيره، فظهر من هذا أن أسباب المخالطة توجد لشخص دون غيره، وربما كانت مقارنة الصور فى الخيال على وجه الترتيب فتجتمع كذلك عند المفكرة، فإذا عكس ترتيبها لم يحسن لما فيه من التخليط الغير المألوف كما فى قوله تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ. وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ. وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ. وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (١) فلو وقع


(١) الغاشية: ١٧ - ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>