(أو) يكون بين تصوريهما (تضاد) وهو التقابل بين أمرين وجوديين يتعاقبان على محل واحد ...
===
بالعوارض) وهى كون الشمس كوكبا نهاريا وكون القمر كوكبا ليليا وكون أبى إسحاق حيوانا ناطقا، وتوهم الوهم لذلك إنما نشأ من اشتراك الثلاثة فى إشراق الدنيا، وإن كان الإشراق فى اثنين حسيا وإشراق الثالث عقليا بإفاضة أنواع العدل، والإحسان بتنزيل ذلك المعقول منزلة المحسوس لكمال ظهوره، والحاصل أن هذه الثلاثة عند النظر والتأمل متباينة؛ لأن الشمس كوكب نهارى مضىء لذاته والقمر كوكب ليلى مطموس لذاته مستفاد نوره من نور غيره وهو الشمس وأما أبو إسحق فإنسان عم عدله وإحسانه جميع العالمين فى زعم الشاعر بحيث صار عموم عدله وإحسانه شبيها بعموم نور الشمس فى التوصل إلى الأغراض، إلا أنه يسبق إلى الوهم تماثل هذه الثلاثة فى الإشراق، وأنها نوع واحد، وإنما تمايزت بالعوارض، أما التوهم فيما بين الشمس والقمر فواضح، وأما فيما بينهما وبين أبى إسحق فلكثرة تشبيه عموم العدل والإحسان بنور الشمس حتى صار بحيث يتوهم أن له إشراقا يهتدى به فى المحسوسات، فأبرزها الوهم فى معرض المتماثلات.
(قوله: وهو التقابل) أى: التعاند
(قوله: وجوديين) خرج به تقابل الإيجاب والسلب كتقابل الحركة لعدمها والسكون لعدمه، وتقابل العدم والملكة وهو ثبوت شىء وعدمه عما من شأنه ذلك: كتقابل العمى للبصر، وليس المراد بالوجودى هنا خصوص ما يمكن رؤيته، بل المراد به هنا ما ليس العدم داخلا فى مفهومه فيشمل الأمور الاعتبارية، وحينئذ فيدخل فى التعريف الأمران المتضايفان فلا بد من زيادة قيد لا يتوقف تعقل أحدهما على تعقل الآخر لأجل إخراجهما، ومما يدل على أن المراد بالوجودى هنا ما قلناه ما سيأتى للشارح فى الأول والثانى- كذا قرر شيخنا العدوى، وفى عبد الحكيم: أن هذه الإرادة خلاف التحقيق؛ لأن قسمة الجامع إلى الأقسام الثلاثة باصطلاح الفلاسفة فإنهم يثبتون الحواس الباطنية وعندهم الأمور الإضافية موجودة يمكن رؤيتها، فاللائق إجراء الكلام على طريقتهم.
(قوله: يتعاقبان على محل واحد) أى: يوجدان على التعاقب فى محل واحد ولا يجتمعان. (وقوله: يتعاقبان) أى: يمكن ذلك،