أى: ولأن الوهم يبرزهما فى معرض المثلين (حسن الجمع بين الثلاثة التى فى قوله:
ثلاثة تشرق الدّنيا ببهجتها ... شمس الضّحى وأبو إسحق والقمر) (١)
فإن الوهم يتوهم أن الثلاثة من نوع واحد، وإنما اختلفت بالعوارض، والعقل يعرف أنها أمور متباينة.
===
غفلة العقل وعدم ملاحظته والمنع عند عدم الغفلة المذكورة: كدخول اللام على العلم للمح الأصل ومنعها عند عدمه- انظره انتهى يعقوبى.
(قوله: أى ولأن الوهم يبرزهما) أى: ولأجل أن الوهم يبرز الشيئين اللذين بينهما شبه تماثل فى معرض المثلين
(قوله: حسن الجمع) أى: بالعطف، (وقوله: بين الثلاثة) أى: المتباينة لتخيل الوهم فيها تماثلا كما تخيله فى البياض والصفرة
(قوله: فى قوله) أى: التى وجدت فى قول الشاعر وهو محمد بن وهيب يمدح المعتصم بالله بن هارون الرشيد وذكره بكنيته أبى إسحق صونا لاسمه أن يجرى على الألسنة وكما حسن الجمع بين الثلاثة التى ذكرها لما ذكر من التعليل حسن الجمع بين الثلاثة فى قوله:
إذا لم يكن للمرء فى الخلق مطمع ... فذو التّاج والسّقّاء والذّرّ واحد
فالوهم هو الذى حسن الجمع بين الملك والسقاء وصغار النمل لاشتراكها فى عدم التوقع منهم والاستغناء عنهم مع كونها متباعدة متباينة غاية التباين
(قوله: ثلاثة إلخ) يصح أن يكون خبرا مقدما على المبتدأ، وهو قوله: شمس الضحى وما عطف عليه، ويصح أن يكون ثلاثة: مبتدأ محذوف الخبر أى: لنا أو فى الوجود ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها، وشمس الضحى: بدل أو عطف بيان، أو خبر مبتدأ محذوف، والاحتمال الثانى أليق وأعلق بالقلب، وقال: ببهجتها ولم يقل: ببهجتهم تغليبا للعاقل على غيره، مع أنه أكثر من تغليب غير العاقل نظرا لكون إشراق غير العاقل حسيا فهو أولى بالاعتبار
(قوله: فإن الوهم) أى: وإن لم يكن البيت مما نحن فيه؛ لأنه ليس من عطف الجمل، وإنما هو من عطف المفردات، لكن قد مر أن المفرد كالجملة فى اشتراط الجامع
(قوله: يتوهم أن الثلاثة من نوع واحد) وهو المشرق أو المنور للدنيا، (وقوله: وإنما اختلفت
(١) البيت فى الأغانى ص ٨٠ فى ترجمة محمد بن وهيب؛ وفيه [ببهجتهم] بدل [ببهجتها].