للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: فليكن التعجيز باعتبار انتفاء المأتى به منه قلنا احتمال عقلى لا يسبق إلى الفهم، ولا يوجد له مساغ فى اعتبارات البلغاء واستعمالاتهم؛ فلا اعتداد به، ولبعضهم هنا كلام طويل لا طائل تحته (والتسخير، ...

===

لزم وجود المثل للقرآن لوقوع المثل فى حيز المأتى منه، والعرف قاض بذلك الاستعمال، وإن كان المعنى فأتوا بسورة كائنة من مثل ما نزلنا فلا يقتضى وجود المثل للقرآن لوقوع المثل فى حيز المأتى به المعجوز عنه، فإذا قلت ائتنى من مثل العنقاء بجناح اقتضى ذلك ثبوت مثلها بخلاف لو قلت: ائتنى بجناح من مثل العنقاء، فإنه لا يقتضى ثبوته والذوق السليم شاهد صدق بذلك

(قوله: فإن قلت فليكن إلخ) أى: فإن قلت عند جعل الظرف لغوا متعلقا بفأتوا، وترجيع الضمير لما نزلنا لا يجعل التعجيز باعتبار المأتى به حتى يلزم ثبوت المثل للقرآن، بل يجعل التعجيز باعتبار انتفاء المأتى منه وهو المثل بأن يكون لهم قدرة على الإتيان بسورة من مثله، إلا أن المثل منتف فهم قادرون على الإتيان بسورة، إلا أنه لا مثل له حتى يأتوا منه بسورة، وحينئذ فلا يقتضى ثبوت المثل ولا ينتفى عجزهم باعتبار المأتى به، وحاصل الجواب أن الاستقراء دل على أن مثل هذا التركيب يفهم منه الذوق أن التعجيز باعتبار المأتى به لا باعتبار المأتى منه، وحينئذ فيفيد ثبوت المثل فقوله قلنا احتمال إلخ أى: قلنا جعل التعجيز باعتبار المأتى منه احتمال عقلى بخلاف كون التعجيز باعتبار انتفاء الوصف فإنه شائع؛ لأن القيود محط القصد

(قوله: ولبعضهم إلخ) أراد به الطيبى فى حواشى الكشاف.

(قوله: والتسخير) أى: جعل الشىء مسخرا منقادا لما أمر به يعنى أن صيغة الأمر تستعمل للتسخير، وذلك فى مقام يكون المأمور به منقادا للأمر والعلاقة بين الطلب وبينه السببية؛ وذلك لأن إيجاب شىء لا قدرة للمخاطب عليه بحيث يحصل بسرعة من غير توقف يتسبب عنه تسخيره لذلك أى: جعله مسخرا منقادا لما أمر به، وما ذكرناه فى معنى التسخير- هو ما ذكره عبد الحكيم، وذكر العلامة اليعقوبى: أن التسخير هو تبديل الشىء من حالة إلى حالة أخرى فيها مهانة ومذلة وقد كان موجودا، وذكر أيضا أن الفرق بينه وبين التكوين أن التسخير تبديل من حالة إلى حالة

<<  <  ج: ص:  >  >>