إذ التعجيز إنما يكون عن المأتى به، فكأن مثل القرآن ثابت لكنهم عجزوا عن أن يأتوا منه بسورة، بخلاف ما إذا كان وصفا للسورة فإن المعجوز عنه هو السورة الموصوفة باعتبار انتفاء الوصف، ...
===
من الحماسة: وهى ديوان الشعر المتعلق بالشجاعة أفاد وجود الحماسة عرفا بشهادة الذوق، وحمله على مثل معنى ائتنى برجل أو جناح من العنقاء على معنى أن العنقاء لم توجد فلا يوجد رجلها ولا جناحها: احتمال عقلى لا يرتكب فى تراكيب البلغاء بشهادة الذوق والاستعمال، فلهذا تعين أن يكون الضمير على تقدير كون الظرف لغوا عائدا لعبدنا لا لما نزلنا ولا يخفى أن هذا إنما يتم بناء على أن إعجاز القرآن لكونه خارجا عن طوق البشر، وأما إن قلنا إنه فى طوقهم وصرفوا عنه لم يفتقر لهذا
(قوله: إذ التعجيز) أى: على هذا الاحتمال إنما يكون عن المأتى به أى: وهو السورة أى: عن الإتيان بها مع وجود المأتى منه وهو المثل وهذا علة للاقتضاء
(قوله: أن يأتوا منه) أى:
من المثل الذى فرض موجودا
(قوله: بخلاف ما إذا كان) أى: الظرف
(قوله: فإن المعجوز عنه هو السورة الموصوفة) أى: فيكون الوصف فى حيز المأتى به فيكون معجوزا عنه
(قوله: باعتبار انتفاء الوصف) متعلق بالمعجوز أى: أن السورة الموصوفة معجوز عنها باعتبار انتفاء وصفها وعدم وجوده، فإن وصفها هو كونها من مثل المترل والمترل لا مثل له، وإذا انتفى الوصف انتفى الموصوف من حيث هو موصوف، والحاصل أن المعنى عند جعل الظرف صفة لسورة أنهم عاجزون عن الإتيان بسورة متصفة بكونها من مثل القرآن لكون هذا الوصف غير ثابت لسورة ما فى الواقع، وانتفاء ذلك الوصف فى الواقع لانتفاء المثل، وحينئذ فليس ذلك العجز إلا لانتفاء المثل من أصله، إذ لو ثبت لثبت الوصف لسورة منه، وقد يقال: إن العجز عن الإتيان بالسورة الموصوفة صادق بأن يكون لعدم قدرة على الموصوف مع وجوده بوصفه وصادق بما إذا كان لعدم القدرة على الموصوف لانتفاء وصفه، وحينئذ فلا وجه لاقتصار الشارح على كون العجز باعتبار انتفاء الوصف، اللهم إلا أن يقال اقتصار الشارح على ذلك؛ لأنه الواقع، لا لأن العجز منحصر فيه، والحاصل أنه إذا كان المعنى: فأتوا من مثل ما نزلنا بسورة