لأن ما ذكره من اللزوم ممنوع لجواز أن يقبح لعلة أخرى (وعلل غيره) أى: غير السكاكى (قبحهما) أى: قبح هل رجل عرف؟ وهل زيد عرف؟ (بأن هل بمعنى قد فى الأصل) وأصله: أهل (وترك الهمزة قبلها لكثرة وقوعها فى الاستفهام)
===
عرفت إلا أن يقال: تقديم قوله لاختصاصه لا للاختصاص بل لغرض آخر
(قوله: لأن ما ذكره) أى: المصنف
(قوله: لجواز أن يقبح) أى: هل زيد عرف عند السكاكى لعلة أخرى هى ما ذكره غيره من أن هل فى الأصل بمعنى قد وقد مختصة بالفعل، فكذا ما كان بمعناها فيكون السكاكى قائلا بما علل به غيره فى قبح هذا التركيب
(قوله: وعلل غيره قبحهما بأن هل إلخ) أى: علل غيره قبحهما بعلة أخرى غير ما علل بها هو وهى أن هل داما بمعنى قد فى استعمالها الأصلى، والاستفهام مأخوذ من همزة مقدرة قبلها فأصل هل عرف زيد أهل عرف زيد بإدخال همزة الاستفهام على هل التى بمعنى قد، فكأنه قيل: أقد عرف زيد فقول الشارح، وأصله أى: أصل هل بمعنى قد أهل بهمزة الاستفهام إشارة لذلك قال أبو حيان فى الإفصاح: وذكر جماعة من النحويين وأهل اللغة أن هل قد تكون بمعنى قد مجردة عن الاستفهام وربما فسروا بذلك قوله تعالى:
هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ (١)، ثم إن المراد بمعنى قد المذكورة قيل التقريب أى: قد أتى على الإنسان قبل زمان قريب طائفة من الزمان الطويل الممتد لم يكن شيئا مذكورا، كذا فى الكشاف وفسرها غيره بقد خاصة، لكن حمل قد على معنى التحقيق لا على معنى التقريب وحملها بعضهم على معنى التوقع، وكأنه قيل لقوم يتوقعون الخبر فى شأن آدم قد أتى على الإنسان وهو آدم حين من الدهر لم يكن فيه شيئا مذكورا وذلك الحين من كونه طينا
(قوله: بمعنى قد) أى: ملتبسة بمعنى قد وهو التقريب أو التحقيق أو التوقع على الخلاف فى ذلك
(قوله: وترك الهمزة قبلها) أى: قبل هل وأشار بقوله لكثرة إلخ، إلى أنها قد تقع فى الخبر كما فى قوله تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ كما مر