للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاحترقت بأجمعها وأصبحت لا ينتفع منها بشئ، ولعبت الناس بالفلوس لما ضربت فنودى أن يستقر الرطل منها بدرهمين، وزنة الفلس درهم، هذا أول وزن الفلوس.

واشتد ظلم الوزير - وهو الصاحب فخر الدين [بن] (١) الخليلى - لتوقف أحوال الدولة من كثرة الكلف فأرصد متحصل المواريث (٢) للغداء والعشاء، وأخذ الأموال الموروثة ولو كان الوارث ولدا أو غيره، فإذا طالبه الولد بميراث أبيه أو الوارث بما انجر إليه من الإرث كلّفه إثبات نسبه أو استحقاقه، فلا يكاد يثبت ذلك إلا بعد عناء طويل ومشقة، فإذا ثم الإثبات أحال على المواريث حتى إذا مات آخر وله مال ووارث من ولد ذكر أو غيره، فعل معهم كذلك فتضجر الورثة من الطلب فتركت المطالبة واشتد الأمر على التجار لرمى البضائع بزيادة الأثمان والقيم، وكثرت المصادرات فى الولاة وأرباب الأموال وعظم الأمر والجور على أهل النواحى، وحملت التقاوى السلطانية من الضياع، واشتد الأمر على أهل دمشق ونابلس وبعلبك والبقاع وغيرها وكانت أيامه فى غاية الشدة (٣).

وفى سنة ٦٩٦ فى الدولة التركية وسلطنة العادل كتبغا وقع الغلاء وسببه أن بلاد برقة لم تمطر فقحطت وجفت الأعين منها وعم أهلها الجوع/لعدم القوت، فخرج منها نحو ثلاثين ألفا بعيالهم وأنعامهم يريدون مصر، فهلك معظمهم جوعا وعطشا، ووصل اليسير منهم فى جهد وقلة، وتأخر الغيث ببلاد الشام حتى فات أوان الزرع فاستسقوا ثلاثا فلم يسقوا، ثم اجتمع الكافة وخرجوا للاستسقاء وضحوا وابتهلوا إلى الله فأغاثهم وسقاهم حتى رجعوا فى المياه إلى البلد، انتهى من رسالة المقريزى فى الغلاء.


(١) ما بين الحاصرتين من إغاثة الأمة ص ٣٧.
(٢) انظر هامش ١ ص ٣٨ من إغاثة الأمة.
(٣) إلى هنا انتهى ما نقل عن إغاثة الأمة ص ٣٨.