إن سليمن باشا الفرنساوى، وايم بك، وجمعية إنجليزية لما تعينوا للبحث عن الفحم الحجرى فى تلك الجبال استكشفوا-فى حال بحثهم عن ذلك-زيت الحجر المسمى بالبترول، فوجدوه فى حفر فى بحيث جزيرة جبل الزيت الواقع على الجانب الغربى للبحر الأحمر، تحت عرض ثمان وعشرين درجة، ووجدوه يرشح من الماء من خلال طبقة من الرمل منخفضة عن سطح البحر بقدر ٣٠ سنتى تقريبا، ولخفته عن الماء يعلو على سطحه، فيكون على هيئة طبقة فوق الماء قليلة الثخن وهى أربع حفائر فى جنوب البحيث جزيرة (١) المذكورة على نحو خمسة عشر مترا من الشاطئ، عمق الواحدة منها يختلف من ١،٢٠ متر إلى ١،٥٠ وقطرها كذلك، وسمك ما فيها من الماء نحو ٠،٦٠ من المتر تقريبا، تعلوه طبقة من الزيت يختلف سمكها من ٠،١ إلى ٠٢، سنتيمتر.
وتلك الحفائر عتيقة تدل عتاقتها على أن المصريين كانوا يستخرجون منها القار، الذى كانوا يصيرون به موتاهم، وفى شمال هذه الحفائر ثلاثة أخرى فيها ماء أيضا، يعلوه طبقة من الزيت سمكها من واحد إلى اثنين سنتيمتر، حفر اثنين منها سليمن باشا، وحفر الثالثة قومبانية الإنكليز، وإذا جمع هذا الزيت من على وجه الماء يحدث فى ظرف أربع وعشرين ساعة طبقة غيرها بقدرها، فإذا أخذت حدث غيرها بقدرها أيضا، وهكذا، ولا تزيد على تطاول الأيام كما دلت عليه التجربة، وذلك يدل على أن لجوانب الحفر امتصاصا لهذه المادة، ولا شك أن جبل الزيت اكتسب هذه المادة من ماء البحر، بدليل وجودها على سطح مياه خليج السويس، على خط نازل من الشمال الشرقى إلى الجنوب الغربى، فى امتداد نحو اثنى عشر فرسخا، ولما مرّ ايم بك على الخليج المذكور-بقصد الذهاب من جبل الزيت إلى جبل الطور-استكشف زيت الحجر أيضا فى عدة مواضع على الشاطئ الشرقى، وأثبته برائحته الخاصة به، ولونه الذى يظهر على سطح الماء وقت صحو الجوّ، ورآه أيضا على شواطئ جبل الطور بالأوصاف التى هو عليها فى جبل الزيت، ومن المظنون أن منبع
(١) كذا بالطبعة الأولى ولعل الصواب «بالجزيرة». أحمد.