فوات الوقت قبل تمام العمل، فشرعت وحدى فى عمله من غير انتظار لرأى أحد فعملت لجميع المدارس ترتيبا بلغ منصرفه ألف كيس، وجعلت أساس ذلك احتياجات القطر لا غير، وأن جميع المدارس الملكية تكون فى محل واحد تحت إدارة ناظر واحد وأسقطت الرصدخانة بالمرة من الترتيب لعدم وجود من يقوم بها حق القيام، إذ ذاك من أبناء الوطن، مع احتياجها إلى كثرة المصرف. وأبديت فى الترتيب أنه يلزم توجيه جماعة إلى بلاد الإفرنج ليتعلموا فنون الرصدخانة، وبعد قدومهم يصير فتحها وإدارتها، وعينت لذلك محمود باشا الفلكى وكان إذ ذاك برتبة صاغقول أغاسى واسماعيل باشا الفلكى وحسين بك إبراهيم، وكانا من التلامذة الذين تمموا دروسهم. ثم قرأت ذلك الترتيب على رفيقى فلم يوافقانى عليه، فقلت: هو عندنا محفوظ فإن لم نعمل غيره نقدمه ليمتنع عنا اللوم.
وقد كان ذلك عين الصواب لأنه بعد قليل طلب منا تقديم الترتيب، ولم نكن عملنا غير هذا فقدمناه فاستغربه المرحوم عباس باشا، وعجب مما فيه من الأصول المخترعة مع قلة مصرفها. وقال: من عمل هذا؟ فقلت: أنا عملته، ووجد آراء صاحبى مختلفة ومخالفة لذلك، فأحال النظر فيه على مجلس ينعقد من جميع رؤساء الدواوين مع حضورى وحضور (لامبير بيك) فانعقد المجلس ثمانية أيام، وبعد المناقشة الطويلة استقر رأى الجميع على هذا، وصدرت خلاصة باستحسانه واستحقاقى رتبة أمير الاى، فطلبنى المرحوم عباس باشا وسألنى عما أراه من نجاح هذا الترتيب وعدمه لدى العمل به، فقلت هذا رأيى فإن أحسن مديره إدارته وأجراه عل فهم منه وبصيرة نجح وإلا فلا، فإن الساعة المضبوطة الدقيقة الصنعة يفسدها من لا يحسن إدارتها من جاهل أو مفرط، وتدوم على حالها إذا كانت بيد من يحسن إدارتها، فعجب من جراءتى واستحسن جوابى، وقال: فهل تضمن ذلك؟ فقلت: كيف وقد ضمنه الجميع بالقرار الذى عملوه، فأحال علىّ نظارتها وأعطانى الرتبة والنيشان، وجعل/على باشا إبراهيم معلم نجله إلهامى باشا، وحماد بيك ناظر قلم هندسة برتبة بكباشى، فأجريت إدارة المدارس المهندسخانة وما يلحق بها، وأحال على تعيين معلمى المفروزة وترتيب دروسها، واختيار ما يلزم لها من الكتب، فأجريت ذلك وكان لى عنده منزلة.