فارغة اليد، ورأيتها تبكى ففهمت حقيقة الحال فناولتها عشرة بنتو كانت بجيبى ففرحت وأولمت، فأقمت عندهم يومين ثم استأذنتهم ووعدتهم بالعودة، ورجعت إلى دمياط وأوردت نتيجة الاستكشاف على رئيس الرجال، فوقعت عنده موقع الاستحسان، وأثنى علىّ وأخبرنى أنه استحصل على أمر من عباس باشا بإلحاقى بمعية (جاليس بيك) فقبلت يده وشكرت له.
ولما رجعنا إلى المحروسة استأذنته وسافرت إلى الإسكندرية بعيالى وأخ وأخت صغيرين كنت أربيهما. فلما وصلت هناك تركتهم فى المركب وذهبت إلى (جاليس بيك) فوجدت عنده سليمان باشا الفرنساوى قد سبقنى، وكذا غيره من الأمراء والضباط، فجلست بعد أداء الواجب، وبينما فنجان القهوة بيدى إذا بمكتوب وارد بالإشارة من المرحوم عباس باشا يطلبنى حالا فى الوابور المتهيئ للقيام، فاغتم لذلك (جاليس بيك) وداخلنى ما لا مزيد عليه من الخوف لما كنت أعلم مما كان يقع لمن يلوذ بالعائلة الخديوية من الإيذاء، وكان/لى اجتماعات بالخديوى اسماعيل وغيره منهم، فهوّن على سليمان باشا الفرنساوى وقال: لعله يريد أن يجعلك معلما لابنه لأنه تكلم فى ذلك مرارا فلا تخف، فقلت: إن أهلى فى المركب وكيف أصنع بهم، فقال: أنا أنوب عنك فيهم وأرسلهم وراءك إلى مصر، فخل عنك هذا الأمر وامض بسلامة الله.
فمن غير أن أرى عيالى ولا أن يعلموا بى، سافرت فى الوابور وأنا بين راغب وراهب. ولما تمثلت بين يدى المرحوم عباس باشا أنا وحماد بيك وعلى باشا إبراهيم قال لى: أنت على أفندى مبارك؟ قلت: نعم، فقال: إن أحمد باشا (يعنى أخا الخديوى السابق) قد أثنى عليك فقد جعلتكم فى معيتى، وقد أمرت بامتحان مهندسى الأرياف ومعلمى المدارس، لأن الكثير منهم ليسوا على شئ، وجعلتكم من أرباب الامتحان، وشرط علينا أن لا نتكلم إلا بالصدق ولو على أنفسنا، وإذا عثر على أن أحدا منا كذب فى شئ فجزاؤه سلب نعمته، وإلباسه لبس الفلاحين، وسلكه فى سلكهم، ثم حلفّنا على ذلك واحدا واحدا فحلفنا، وحينئذ أنعم علينا برتبة الصاغقول أغاسى، وأعطانا