للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا بخصوصِ السَّبَبِ)، وهو قَولُ جمهورِ العلماءِ كأبي حنيفةَ (ت: ١٥٠)، والشَّافعي (ت: ٢٠٤)، وأحمدَ بن حنبل (ت: ٢٤١)، وعليه أكثرُ المُحقِّقين والأصوليّين (١)، قالَ ابنُ تيميّة (ت: ٧٢٨): «العبرةُ بعمومِ اللَّفظِ لا بخصوصِ السَّبَبِ، عند عامَّةِ العلماءِ» (٢)، وقالَ ابنُ كثير (ت: ٧٧٤): «الأخذُ بعمومِ اللَّفظِ لا بخصوصِ السَّبَبِ عن الجماهيرِ مِنْ العلماءِ» (٣)، وقالَ ابنُ سعدي (ت: ١٣٧٦): «وهذا الأصلُ اتَّفقَ عليه المُحَقَّقون مِنْ أهلِ الأُصولِ وغيرِهم» (٤).

ثامناً: عند تَعدُّدِ الأسبابِ في المَوضِعِ الواحدِ يُقَدِّمُ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) الأصَحَّ، فإنْ لم تتفاضَلْ يُثْبتُ ما اتَّفقَت عليه مِنْ المعاني، ثُمَّ يَحكُمُ بالعُمومِ، ومِن قولِه في ذلك عند قولِه تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١]: «وقد يجوزُ أن تكونَ الآيةُ نزلَت في شَأنِ عُبادةَ بن الصّامتِ وعبدِ الله بن أُبَيِّ ابن سَلولَ وحُلَفائِهما مِنْ اليهودِ، ويجوزُ أن تكونَ نزلَت في أبي لُبابةَ بسَبَبِ فِعلِه في بني قُرَيظةَ، ويجوزُ أن تكونَ نزلَت في شَأنِ الرَّجُلَيْن اللَّذين ذَكرّ السُّدّي أنَّ أحدَهما هَمَّ باللَّحاقِ بدَهلكِ اليهوديِّ، والآخرَ بنصرانيٍّ بالشّامِ، ولم يَصِحَّ بواحدٍ مِنْ هذه الأقوالِ خبرٌ يَثْبُتُ بمِثلِه حُجَّةٌ فيُسَلَّمُ لصِحَّتِه القَولُ بأنَّه كما قيلَ. فإذْ كانَ


(١) ينظر: البحر المحيط في الأصول ٢/ ٣٥٧، وشرح الكوكب المنير ٣/ ١٧٧، والتحرير والتنوير ١/ ٤٦.
(٢) مجموع الفتاوى ٣١/ ٥٨. وينظر: ٣١/ ٢٨.
(٣) تفسير القرآن العظيم ٧/ ٥٦. وينظر: الإتقان في علوم القرآن ١/ ١٩٦.
(٤) القواعد الحسان لتفسير القرآن (ص: ٨).

<<  <   >  >>