للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشَّيطان، وتَرْكاً مِنهم طاعةَ الله .. » (١)، فهذا التَّخصيصُ في المعنى مأخوذٌ مِنْ حالِ العربِ في ذلك، وهو ما أسندَه بعد ذلك عن السَّلفِ، وجَرى عليه فيما تلاها مِنْ الآياتِ (٢). وكذلك فعلَ في قولِه تعالى ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ﴾ [المجادلة: ٨]، فقالَ: «يقولُ تعالى ذِكرُه لنبيِّه محمدٍ : وإذا جاءَك يا محمدُ هؤلاءِ الذين نُهوا عن النَّجوى، الذين وصَفَ الله جلَّ ثناؤُه صِفَتَهم، حيَّوْك بغيرِ التَّحيَّةِ التي جعَلَها الله لك تحيَّةً، وكانَت تحيَّتُهم التي كانوا يُحيّونَه بها -التي أخبرَ الله أنَّه لم يُحَيِّه بها- فيما جاءَت به الأَخبارُ أنَّهم كانوا يقولون: السّامُّ عليكم» (٣)، ثُمَّ أسنَدَ الرِّواياتِ الواردةِ بذلك، وجرى على تفسيرِها فيما بعدها.

وهذا مِنْ الأَوجُهِ التي يتفرَّدُ بمعرِفتِها السَّلفُ مِنْ أهلِ التأويلِ عن أهلِ اللُّغةِ.

ثالثاً: يشيرُ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) إلى ما يَقوى به الاستدلالُ بأحوالِ النُّزولِ عند الحاجةِ؛ كاتِّفاقِ العلماءِ عليه، أو صِحَّةِ الخبرِ به، أو استفاَضتِه عندَ أهل الأخبارِ، ونحوِ ذلك، ومِن ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٧]: «وأمّا دلالَتُنا على ما قُلنا -مِنْ أنَّه نفيٌ مِنْ الله تعالى ذِكرُه عن شُهورِ الحَجِّ- الاختلافُ الذي كانَت الجاهليَّةُ تختلفُ فيها بينَها قبلُ كما وصَفْنا، وأمّا دلالَتُنا على أنَّ الجاهليَّةَ كانَت


(١) جامع البيان ١٠/ ١١٩.
(٢) جامع البيان ١٠/ ١٢٠.
(٣) جامع البيان ٢٢/ ٤٧٠. وينظر: ٦/ ٥٢١، ١٣٨، ٧/ ٤٩، ٣٦٦، ٥٦٦، ٨/ ٥٠، ١١/ ٢١٦، ١٤/ ٥١٨.

<<  <   >  >>