للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

وقصروا إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية ووجهوا إلى منى وأهلوا بالحج ركب رسول الله فصلى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة له من شعر فضربت بنمرة فسار ولا تشك قريش أنه واقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرُحلت له، فركب حتى أتى بطن الوادي فخطب الناس فقال: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميّ موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وأول دم أضعه دماؤنا" وفي لفظ مسلم: "دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب - كان مسترضعًا في بني سعد قتلته هُذيل - وربا الجاهلية موضوع وأول ربًا أضع ربا العباس فإنه موضوع كله، اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإني قد تركت فيكم ما لم تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم مسئولون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت. ثم قال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء ويَنكبُها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد. ثم أذن بلال، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر لم يصل بينهما شيئًا، ثم ركب القصواء حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه فاستقبل القبلة، فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلًا حين غاب القرص، وأردف أسامة خلفه فدفع وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مُوَرّك رحله، ويقول بيده اليمنى السكينة أيها الناس، السكينة، كلما أتى (حبلًا من الحبال) (١) أرخى لها قليلًا حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين - قال عثمان: ولم يسبح


(١) الحبل: المستطيل من الرمل، وقيل: الضخم منه، وقيل: الحبال في الرَّمل كالجبال في غير الرمل. النهاية (١/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>