وإراقة الماء فقد ذكرنا أنه على وجه التنزه والتنظف، ويحتمل أن يكون تغليظا ليمتنعوا من اقتناء الكلب. فإن كان للتنظف أو التنفس تعافه فهو كمن كان يجد القذى في إنائه قد أمر بإراقته ولا ينفخه؛ لأنه بالنفخ يتطاير من البصاق في الإناء مع يساره قيمة الماء في الأغلب، وقد ندب الإنسان إلى التنزه والتنظف، كما ندب المتوضئ إلى غسل يده قبل إدخالها في وضوئه.
فإن قيل: فكيف خصت الأواني بذلك دون غسل الصيد إذا نيبه الكلب - عندكم -؟، وخص داخل الإناء بالغسل كما خص غسل موضع النجاسة، والأواني لا تعبد عليها؟، وخص الماء وحده نم بين غيره من المائعات.
قيل: أما تخصيص الأواني فلأن الكلاب في الحضر وبين الناس تروع المجتاز والضيف، وتلغ في الأواني، وفي الصحاري ومكان الصيد والمواشي والزرع لا ينتشر الناس في الغالب فتروعهم، ولا تكون الأواني هناك.
وأما تخصيص داخل الأواني فإنه موضع الاستعمال، والقذر من الريق هو المستقذر يحصل داخل الإناء وإن لم يكن نجسا.
وأما تخصيص الماء داخل الأواني فإنه موضع الاستعمال، والقذر من الريق هو المستقذر يحصل داخل الإناء وإن لم يكن نجسا.
وأما تخصيص الماء وحده فإنه في الأغلب لا يحفظ كما يحفظ غيره من المائعات، فالكلب في الغالب يشرب الماء دون غيره من المائعات.
وقولهم: لا تعبد على الأواني فإننا نقول: نحن المتعبدون فيها، كما تعبدنا بأن تربص الصغيرة المتعدة، وتعبدنا بغسل الطيب من ثوب