وحنين الجذع لقراءته - صلى الله عليه وسلم -، وفراق موعظته وكلامه، وتأمين أسكفة الباب، وحوائط البيت لدعائه لآل بيته، وتسبيح الحصى في يده، والطعام كما هو مشهور في كتب الخصائص، والمعجزات، وكتب الحديث، والسير، ونحوها مما لا يحتمل هذا الكتاب تفصيله (١).
إلا إني أقتصر هنا على قصة الذئب لاشتماله حديثها على ما يكون في آخر الزمان من كلام السباع، وبعض الجمادات كثيراً من الناس، وهو يحقق إذ ذاك ما أشرنا إليه من أنَّ الله تعالى إذا شاء جعل فيما شاء من العجماوات والجمادات قوة النطق والإدراك.
فروى الإمام أحمد، وابن سعد في "طبقاته"، والبزار، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "الدلائل" وصححاه، وأبو نعيم في "الدلائل" من طرق عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: بينما راعٍ يرعى بالحرَّة إذ عرض ذئب لشاة من شياهه، فحال الراعي بين الذئب وبين الشاة، فأقعى الذئب على ذنبه، ثم قال للراعي: ألا تتقي الله! تحول بيني وبين رزق ساقه الله إليَّ؟
فقال الراعي: العجب من ذئب يتكلم بكلام الإنس.
فقال الذئب: ألا أحدثك بأعجب مني؟ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الحرتين يُحدِّث بأنباء ما قد سبق.
فساق الراعي غنمه حتى قدم المدينة فدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم -،